شرح قصيدة الغضب الخلاق والأفكار الرئيسة فيها

شرح قصيدة الغضب الخلاق والأفكار الرئيسة فيها
شرح قصيدة الغضب الخلاق

شرح قصيدة الغضب الخلاق والأفكار الرئيسة فيها، هو ما سنسلط عليه الضوء في هذا المقال، إذ يعد الشعر العربي من أبرز المصادر التي يمكن أن نتعلم منها آداب اللغة العربية، وفي ديوان العرب عشرات الآلاف من القصائد البديعة التي شملت مختلف جوانب الحياة من الحب والحرب والحكمة والمدح والرثاء وغير ذلك، ويمكن الإبحار في اللغة العربية عند فهم وتحليل، وفي هذا المقال سنسلط الضوء على شرح قصيدة الغضب الخلاق وندرج لكم معاني بعض المفردات الصعبة فيها ونتعرف على كاتبها.

من هو كاتب قصيدة الغضب الخلاق

إنّ كاتب قصيدة الغضب الخلاق، هو الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري، وهو من أبرز شعراء العصر الحديث، والذي ولد في النجف في السادس والعشرين من تموز عام 1899م، والنجف مركز ديني وأدبي، وللشعر فيها أسواق تتمثل في مجالسها ومحافلها، وكان أبوه عبد الحسين عالماً من علماء النجف، أراد لابنه الذي بدت عليه ميزات الذكاء والمقدرة على الحفظ أن يكون عالماً، لذلك ألبسه عباءة العلماء وعمامتهم وهو في سن العاشرة، وقد تحدّر من أسرة نجفية محافظة عريقة في العلم والأدب والشعر تُعرف بآل الجواهر، نسبة إلى أحد أجداد الأسرة، والذي يدعى الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر، والذي ألّف كتاباً في الفقه واسم الكتاب “جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام”، وكان لهذه الأسرة، كما لباقي الأسر الكبيرة في النجف مجلس عامر بالأدب والأدباء يرتاده كبار الشخصيات الأدبية والعلمية، ويتصف شعر الجواهري بمتن النسج في إطناب ووضوح وبخاصة حين يخاطب الجماهير، وعاش الجواهري فترة من عمره مُبْعَدًا عن وطنه، وتوفي بدمشق عام 1997م عن عمر ناهز الثامنة والتسعين عامًا.[1]

شرح قصيدة الغضب الخلاق

تعتبر قصيدة الغضب الخلاق من أجمل القصائد التي نظمها الشاعر محمد مهدي الجواهري، والتي يتم تصنيفها كقصيدة وطنية ثورية، وتتألف من واحد وأربعين بيتًا، ليشبك فيها الجواهري محاور متعددة بين العام والخاص والإيحاءات والوصف والاستعارة، وغيرها الكثير، فراحت أبياتها تتهادى على إيقاعات محسوبة بإتقان متفرد، فقد كان الشاعر مقيمًا في دولة التشيك في براغ، مغترباً عن بلاده وذلك عام 1980 بعيداً عن دجلة الخير، ومبتعداً عنها بسبب الأوضاع الإرهابية التي سادت العراق آنذاك، حتى تكررت إليه دعوات رسمية عديدة لاستضافته، رمزاً ومبدعا رائداً، ومن بينها دعوة رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية علي ناصر محمد، فتقبلها بسرور، ليلبيها عام 1981، فنظم هذه القصيدة النونية في هذه المناسبة، وسنقوم بشرح بعض من أبيات هذه القصيدة على النحو الآتي:

  • من موطن الثلج زحافا إلى عدن ****  تسري بي الريح في مهر بلا رسن ِ
    كاسي على صهوة منه يصفقها **** ما قيّض الله لي من خلقه الحسن

يبدأ الجواهري قصيدته بوصفه لعودته من بلاد الغرب إلى اليمن الحبيب، ويصف المدينة التي كان يعيش فيها على أنها موطن الثلج نظرًا لمناخها البارد، وكيف أن عاد ملبيًا إلى اليمن، وكأنه يمتطي حصانًا مسرعًا، لم ير في حسن خلقه أجمل وأروع من ذلك.

  • من موطن الثلج من خضر العيون به **** لموطن السمر من سمراء ذي يزن
    من كل ملتفة الكشحين ناعمة **** ميادة مثل غصن البانة اللدن

ثم يتابع الشاعر وصفه للبلاد الذي كان يعيش فيه، والبلاد التي أتى إليها، ويقول إنه عاد من تلك البلاد التي تتميز نساؤها بخضر العيون إلى البلاد ذات البشرة السمراء الجميلة، والنساء السمراوات الحسناوات، ويتحدث عن جمالهن وجمال قوامهن الرشيق الناعم، والذي يتمايل كتمايل الأغصان الغضة الندية.

  • يَا لَلتّصَابِي.. أَلاَ يَنْفَكُّ يَجْذِبُني **** عَلَى الثّمانِينَ جَذْبَ النُّوقِ بِالعَطَنِ

       سُبْحَانَ مَنْ ألّفَ الضِّدَّيْنِ فِي خَلَدي **** فَرْطَ الشّجَاعَةِ فِي فَرْطٍ مِنَ الجُبُنِ

يتعجب الشاعر الجواهري في هذه الأبيات ويستنكر على نفسه تصابيه وانجذابه للفتيات الحسناوات، على الرغم من أنّه يكاد يبلغ الثمانين عامًا من عمره، ويصف ذلك الانجذاب كتلق النوق والجمال التي تنجذب إلى مكان راحتها ومستراحها، ويسبح الله الذي جعله يرى الجمال المتناقض في كل من البلدين.

  • لا أتّقي خَزَراتِ “الذِّئْبِ” تَرْصُدُني **** وأتّقِي نَظَراتِ “الأَدْعَجِ” الشّدِنِ

        خَبّتْ بِي الرِّيحُ.. فِي إيمَاضِ بَارِقَةً **** تُلْغِي مَسَافَةَ بَيْنَ العَيْنِ والأُذُنِ

يقول الشاعر في هذه الأبيات أنّه لا يخشى على نفسه من نظرات الذئب الحادة التي تتبعه من مكان لمكان، ولكن يخشى على نفسه من نظرات الفتاة الحسناء الجميلة ذات العيون الواسعة الجذابة، كعيون الغزال، ثم يقول بأنه لبى دعوة مسرعًا، فقد حملته الرياح بسرعة كبيرة كسرعة البرق، لتلغي جميع المسافات بين براغ التي كان يعيش فيها واليمن الحبيبة التي دعي إليها.

  • وَيَا شَبَاباً أَحَلّتْنِي مُرُؤَتُهُمْ **** فِي أيِّ مُحْتَضِنِ مِنْ أَيِّ مُحْتَضَنِ

        لا يَبْلُغُ الشُّكْرُ مَا تُسْدُونَ مِنْ كَرَمٍ **** ولا يُوَفِّي بَيَانِي سَابِغَ المِنَنِ

وهنا يصف الشاعر الجواهري مروءة وشهامة أهل اليمن الحبيب، وأنه يشعر وهو في حضن تلك البلاد وكأنه في بلده الأم، ومهما قام بشكرهم على الكرم والمروءة التي يقدمونها له، فلن يستطيع أن يوفي شعره وكلامه ذلك، وهنا يصف حسن الضيافة والكرم الذي يتمتع به شعب اليمن العربي.

  • أقُولُ والشّيْبُ يَحْدُونِي، يُصَارِعُهُ **** حُبُّ الحَيَاةِ، وَمَا فِيها مِنَ الفِتَنِ

        رِجْلاَنِ لِي يَحْمِلانِ “الشِّعْرَ” خَاتِمَةً **** وَيَسْعَيانِ إلَى الأخْرَى عَلَى وَهَنِ

        “مِنْ مَوْطِنِ الثّلْجِ” زَحّافاً، إلَى.. “عَدَنِ” **** خَبّتْ بِي الرِّيحُ فِي مُهْرٍ بِلا رَسَنِ

يصف الشاعر في هذه الأبيات مصارعته لتقدم العمر والشيب الذي يظهر في شعر رأسه مع حب العيش والاستمتاع بالحياة والنعم والفتن الموجودة فيها، ويختم حياته بأبيات الشعر التي ينظمها، وأنّه سيبقى لآخر لحظة في حياته ينظم الشعر لينتقل إلى الآخرة ببطء وعلى وهن، ثم يعود ويذكر أول بيت في هذه القصيدة، ليؤكد على حبه لتلبية الدعوة مسرعًا التي تلقاها ليزور بلد العروبة اليمن.

الصور الفنية في قصيدة الغضب الخلاق

يعتبر الشاعر محمد مهدي الجواهري من أفصح شعراء العصر الحديث، وإن قصيدته الغضب الخلاق غنية بالصور الفنية البديعة التي تعبر عن العبقرية الشعرية والخيال الواسع للشاعر، ومن أبرز الصور البيانية التي وردت في هذه القصيدة ما يأتي:

  • استعارة تصريحية: وذلك عندما قال الشاعر “تسري بي الريح في مهر بلا رسن”، وهنا شبه الشاعر الريح بالمهر السريع، وأبقى على المشبه والريح وعلى المشبه به وهو المهر بلا رسن، كما يوجد في هذه البيت استعارة مكنية أيضًا، حيث شبه الريح بالإنسان الذي يسري، حيث حذف المشبه به وهو الإنسان وأبقى على شيء من  لوازمه.
  • استعارة مكنية: وذلك عندما قال الشاعر “يَا لَلتّصَابِي.. أَلاَ يَنْفَكُّ يَجْذِبُني”، حيث شبه التصابي بالشخص الذي يجذب شخصًا آخر، وقد حذف المشبه به وهو الإنسان، وأبقى على شيء من لوازمه.
  • استعارة مكنية: وذلك عندما قال الشاعر “خبت بي الريح” حيث شبه الشاعر الريح بالإنسان الذي يخبو، وحذف المشبه به وهو الإنسان وأبقى على شيء من لوازمه.
  • استعارة مكنية: وذلك عندما قال الشاعر “ولا يُوَفِّي بَيَانِي سَابِغَ المِنَنِ” حيث شبه بيانه بالإنسان الذي يوفي أي يحمل صفة الوفاء، وهي من صفات الإنسان، وبالتالي حذف المشبه به وهو الإنسان وأبقى على شيء من لوازمه.

معاني المفردات الصعبة في قصيدة الغضب الخلاق

إن المعاني التي تحملها هذه القصيدة واضحة نوعًا ما، ويمكن لأي شخص أن يفهمها، ولكن لا تخلو القصيدة من بعض المفردات الصعبة التي قد يصعب على الناس فهمها وتفسيرها، ومن هذه المفردات، ما يأتي:

  • صهوة: موضع السَّرج على الفرس.
  • يصفقها: صوت الثوب تضربه الريح.
  • ما قيض الله: هيّئ وقدّر.
  • ملتفة الكشحين: الكشح من الإنسان خاصرته إلى الأضلاع، وملتفة الكشحين أي قوامها رشيق وملتف.
  • اللدن: المرن.
  • العطن: مَبْرَك الإبل ومربض الغنم عند الماء، أي مكان راحتها.
  • خرزات: النظرات الحادة.
  • الأدعج: الشخص ذو العيون الواسعة الجميلة.
  • الشدن: الغزال.
  • خبت: جرت بسرعة.
  • إيماض بارقة: وميض البرق ولمعانه.
  • سابغ المنن: اتساع النعم.

الأفكار الرئيسة في قصيدة الغضب الخلاق

وردت في القصيدة مجموعة من الأفكار الرئيسية والتي يمكن أن نذكرها لكم على النحو الآتي:

  • وصف الشاعر لجمال الفتيات في بلاد المغرب، واليمن الذي لبى الدعوة إليه، وكيف أن جمالهما متضاد ولكنه لا يستطيع مقاومته.
  • سرعة تلبية دعوة الشاعر لزياة اليمن، وحنينه لبلاده العراق عندما اقترب منه.
  • شكر الشاعر أهل اليمن على حسن الضيافة والكرم، فهم أهل لذلك.
  • يصف الشاعر أنّه يصارع ما بين حب الحياة وبين تقدم العمر، فقد بلغ من العمر ما بلغ، وما زال ينجذب لجمال البلاد والفتيات الحسناوات هناك.

شرح قصيدة الغضب الخلاق pdf

يرغب الكثير من الأشخاص بالحصول على المعلومات السابقة على شكل ملف بصيغة pdf، إذ إن شرح القصائد من أبرز الواجبات التي تلزم بها المدارس الطلاب، نظراً لأن شرح القصائد من أفضل الطرق التي يمكن أن يتعلم بها الطالب آداب اللغة العربية وفنونها، فمن خلال شرح القصيدة سيتذوق لحن بحور الشعر وأنغامه المتناسقة، وسيتعرف على الكثير من المفردات الجديدة التي لم يكن يعرف معناها من قبل كما سيطلع على نمط حياة العرب الأوائل ويتعرف على أحوالهم وأخبارهم وكيف كانت حياتهم ومعيشتهم، ونظراً لأهمية شرح القصائد سنترك لكم في نهاية هذا المقال شرح قصيدة الغضب الخلاق للشاعر محمد مهدي الجواهري pdf يمكنكم تحميله “من هنا “.

مقالات قد تهمك

شرح قصيدة فليتك تحلو وَالحَيَاة مريرة لأبي فراس الحمداني شرح قصيدة يا طارق الباب رفقاً حين تطرقهُ لغازي القصيبي
شرح قصيدة وطر مافيه من عيب سوى وأفكارها الرئيسية شرح قصيدة سائل العلياء عنا لبشارة الخوري وأهم الصور الفنية فيها
شرح قصيدة تذكرت ليلى لقيس بن الملوح وأهم الصور الفنية فيها شرح قصيدة عرس المجد لعمر أبو ريشة وشرح المفردات الصعبة فيها
شرح قصيدة بشار بن برد في الغزل وشرح المفردات الصعبة فيها شرح قصيدة حصاني كان دلال المنايا للشاعر عنترة بن شداد العبسي

إلى هنا أعزاءنا رواد موقع تصفح نكون قد وصلنا إلى ختام هذا المقال، والذي يحمل عنوان شرح قصيدة الغضب الخلاق والأفكار الرئيسة فيها، للشاعر محمد مهدي الجواهري، وقد قدمنا لكم فيه نبذة عن حياة الشاعر، وشرح بعض أبيات هذه القصيدة التي ألقاها في اليمن، وأهم الصور البيانية والمحسنات البديعة التي وردت فيها، بالإضافة إلى شرح معاني المفردات الصعبة فيها، ووفرنا لكم جميع المعلومات السابقة على شكل ملف بصيغة pdf.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *