ما صحة أحاديث صلاة التسابيح وتخريج حديث صلاة التسابيح

ما صحة أحاديث صلاة التسابيح وتخريج حديث صلاة التسابيح هو الموضوع الذي سوف نتحدث عن في هذا المقال، حيث يتساءل الكثير من المسلمين عن مدى صحة صلاة التسابيح وعن الأحاديث النبوية الشريفة التي ذُكرت فيها هذه الصلاة المباركة والتي يستدل بها أهل العلم على مشروعية هذه الصلاة، لذا سوف نقوم من خلال هذا المقال بالحديث عن صلاة التسابيح وعن صحة أحاديث هذه الصلاة وسنلقي الضوء على تخريج حديث صلاة التسابيح.

صلاة التسابيح في الإسلام

صلاة التسابيح هي صلاة من الصلوات النافلة في الإسلام، وهي صلاة تتألف من أربع ركعات، تُصلّى بتسليمة واحدة أو بتسليمتين أي مثنى مثنى، وجدير بالقول إنّ سبب تسمية صلاة التسابيح بهذا الاسم هو كثرة التسبيح في هذه الصلاة، حيث يجب على المسلم أثناء تأديتها أن يسبح خمسًا وسبعين تسبيحة في كل ركعة، وكل تسبيحة يقول فيها: “سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلّا بالله”، وهي من الصلوات التي اختلف في حكمها أهل العلم، فمنهم من قال لا أصل لها وهي بدعة، ومنهم من قال إنّ ورودها في الحديث الضعيف يجيزها، حيث يمكن للمسلم الأخذ بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال، والله تعالى أعلم. ^[1]

شاهد أيضًا: تجربتي مع صلاة التسابيح وفوائد هذه الصلاة في الدنيا والآخرة

ما صحة أحاديث صلاة التسابيح

لم يرد في السنة النبوية الشريفة أي حديث صحيح عن صلاة التسابيح، والوارد هو حديث ضعيف حسّنه بعض أهل العلم، وهو حديث لعبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- يذكر فيه حديثًا دار بين النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- وبين أبيه العباس بن عبد المطلب، يحكي فيه النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عن صلاة عظيمة وهي صلاة التسابيح، ولكنّ هذا الحديث ضعيف، وضعفه أدى إلى أنّ بعض أهل العلم لم يشرعوا هذه الصلاة، ورأوا أنّها بدعة مستحدثة في الشريعة الإسلامية ولا أصل لها، ومنهم قول عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى، الذي جاء فيه: ^[2]

صلاة التسابيح غير صحيحة عند أهل التحقيق، قد تأملنا أحاديث طرقها فهي ضعيفة غير صحيحة، ومخالفة للصلاة الشرعية، فالسنة للمؤمن أن يتطوع بالصلاة الشرعية التي يفعلها في نوافله في صلاة الضحى، وفي الرواتب، وفي الفريضة، يصلي كما صلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يصلي،  يقرأ في القيام الفاتحة، وما تيسر معها، ويركع ويسبح: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، سبوح قدوس، مثلما يصلي في بقية الصلوات، أما الصلاة الواردة في صلاة التسبيح التي يروى أنه علمها عمه العباس هذه لا صحة لها.

شاهد أيضًا: حكم الدعاء في الصلاة بأمور الدنيا والآخرة

حديث صلاة التسابيح الدرر السنية

إنّ الحديث الوارد في صلاة التسابيح هو حديث رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- أنّه قال لعمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: “يا عباس يا عماه ألا أعطيك ألا أمنحك ألا أحبوك ألا أفعل بك عشر خصال إذا فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره قديمه وحديثه وخطأه وعمده صغيره وكبيره سره وعلانيته عشر خصال أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشراً ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشراً ثم تهوي ساجداً فتقولها وأنت ساجد عشراً ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً ثم تسجد فتقولها عشراً ثم ترفع رأسك فتقولها عشراً فذلك خمس وسبعون مرة في كل ركعة تفعل ذلك في أربع ركعات إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة فإن لم تفعل ففي عمرك مرة” ^[3]والله تعالى أعلم. ^[4]

شاهد أيضًا: حديث صحيح عن الاستغفار ، أحاديث قدسية عن الاستغفار

تخريج حديث صلاة التسابيح

لقد تم تخريج حديث صلاة التسابيح بطرق عديدة، فالأصل أنّه ورد بإسناد ضعيف، ولكنّ بعض علماء الحديث من حسّنه ومنهم من صححه أيضًا، وفيما يأتي نذكر الطرق التي ورد فيها هذا الحديث عن النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم: ^[5]

• أولًا: أخرجه أبو داوود والترمذي وابن ماجة والطبراني في الأوسط والكبير وأبو نعيم في الحلية والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى وفي شعب الإيمان وعبد الكريم القزويني في أخبار قزوين والمزي في تهذيب الكمال.
• ثانيًا: ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وابن حجر في فتح الباري والمنذري في الترغيب والترهيب.
• ثالثًا: ورد عن جماعة من العلماء ومنهم أبو داوود ومسلم والحاكم ووافقه الذهبي والنووي وابن الصلاح وابن منده والآجري والخطيب والسمعاني وابن ناصر الدين الدمشقي.

أقوال أهل العلم في صلاة التسابيح

كثيرة هي الأقوال التي وردت عن أهل العلم فيما يتعلق بصلاة التسابيح والحديث الوارد في هذه الصلاة، ومن هذه الأقوال ما سيأتي: ^[6]

• قال ابن قدامة في كتابه المغني: “فأما صلاة التسبيح، فإن أحمد قال: ما يعجبني، قيل له: لم؟ قال: ليس فيها شيء يصح، ونفض يده كالمنكر”.
• قال الإمام النووي في المجموع شرح المهذب: “قال القاضي حسين، وصاحبا التهذيب والتتمة: يستحب صلاة التسبيح؛ للحديث الوارد فيها، وفي هذا الاستحباب نظر؛ لأن حديثها ضعيف، وفيها تغيير لنظم الصلاة المعروف، فينبغي ألا يفعل بغير حديث، وليس حديثها بثابت، وهو ما رواه  ابن عباس رضي الله عنهما…”.
• قال ابن تيمية رحمه الله: “وأجود ما يروى من هذه الصلوات حديث صلاة التسبيح، وقد رواه أبو داود، والترمذي، ومع هذا، فلم يقل به أحد من الأئمة الأربعة، بل أحمد ضعف الحديث، ولم يستحب هذه الصلوات، وأما ابن المبارك، فالمنقول عنه ليس مثل الصلاة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الصلاة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيها قعدة طويلة بعد السجدة الثانية، وهذا يخالف الأصول، فلا يجوز أن تثبت بمثل هذا الحديث ومن تدبر الأصول علم أنه موضوع، وأمثال ذلك، فإنها كلها أحاديث موضوعة، مكذوبة، باتفاق أهل المعرفة”.

صلاة التسابيح عند الشافعية

أفتى فقهاء المذهب الشافعي بأنّه صلاة التسابيح معتمدة وهي سنة على الرغم من أنّها لم ترد في أي حديث ضعيف، وذلك لأنّ الأحاديث الضعيفة يُؤخذ منها فضائل الأعمال، وصلاة التسابيح من أعمال الفاضلة، وقد ورد عن أئمة الشافعية بعض الأقوال في هذه المسألة: ^[7]

• قول الخطيب الشربيني وهو شافعي المذهب: “وما تقرر من أنها سنة هو المعتمد كما صرح به ابن الصلاح وغيره”.
• قول الحافظ بن حجر وهو شافعي أيضًا: “قلت: وقد جاء عن أحمد أنه رجع عن ذلك أي عن تضعيف الحديث، فقال علي بن سعيد النسائي: سألت أحمد عن صلاة التسبيح؟ فقال: لا يصح فيها عندي شيء، قلت: المستمر بن الريان عن أبي الجوزاء عن عبد الله بن عمرو، فقال: من حدثك؟ قلت: مسلم بن إبراهيم، قال: المستمر ثقة ، وكأنه أعجبه”.

إلى هنا نختم هذا المقال الذي عرفنا فيه صلاة التسابيح، ثم مررنا على ما صحة أحاديث صلاة التسابيح وتخريج حديث صلاة التسابيح كما ذكرنا نص حديث صلاة التراويح كما ورد في الدرر السنية، كما مررنا على أشهر أقوال أهل العلم في صلاة التسابيح.