عناصر المقال
حكم تعليق شيء من القرآن على الجدران وفي أعناق الأولاد من المعلومات الدينية التي يجهل حكمها كثير من المسلمين في العالم الإسلامي، ويجب على المسلم التعرف على مثل هذه المعلومات حتى يعبد الله حق عبادته ولا يقع فيما لا يرضي الله تعالى، وسوف نتقدم للزوار في هذا المقال حكم تعليق آيات من القرآن الكريم، سواء على الجدران أو في أعناق الصغار والكبار، وعلى حكم التمائم في الإسلام وما إلى هنالك من معلومات وتفاصيل أخرى متعلقة.
التمائم في الإسلام
يشير مصطلح التمائم في الإسلام إلى جمع التميمة، وهي كل ما يتم تعليقه على الأولاد من مواد سواء كتابات أو خرز أو عظام أو قلائد من أجل دفع العين والأذى، وسميت التميمة بهذا الاسم لأنَّ العرب كانوا يعتقدون أن أمرهم يتم من خلال تعليقها، والتمائم في الإسلام محرمة بشكل كامل، وهي من أعمال أهل الجاهلية، ووضعها يعد تشبهًا بالكفار في الجاهلية، وفيها أيضًا اعتقاد بأنَّ النفع أو الضر قد يكون من دون الله تعالى، وهذا من أنواع الشرك الأكبر، وإذا اعتقد المسلم أن التميمة سلامة من الجن والعين فهذا من أنواع الشرك الأصغر، وقد حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ورد في الحديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ الرُّقى، والتَّمائمَ، والتِّوَلةَ شِركٌ”،[1] ولذلك فهي من الكبائر التي لا يجوز القيام بها ولا تعليقها.[2]
حكم تعليق شيء من القرآن
لقد اختلف العلماء في حكم تعليق شيء من القرآن سواء على الجدران والحوائط أو على الأولاد الصغار أو على الكبار، وقد كان ذلك نتيجة أسباب عديدة مختلفة، وفيما يأتي سوف يتم التفصيل في ذلك:
حكم تعليق السور القرآنية على الجدران
لقد وردت أقوال عديدة أيضًا في تعلق السور والآيات القرآنية على الجدران سواء في المساجد أو في المنازل أو في المكاتب وأماكن العمل وغير ذلك، فقد أشار بعض الفقهاء إلى جواز ذلك، وأشار آخرون إلى تحريم ذلك، وفيما يأتي سوف يتم التفصيل في هذه الأقوال:
جواز تعليق آيات القرآن على الجدران
ذهب بعض الفقهاء من أهل العلم إلى جواز تعليق سور وآيات القرآن الكريم على الجدران والحوائط، أو الأحاديث الشريفة، مثل سورة الإخلاص والفلق والناس، أو آية الكرسي وغيرها من السور والآيات القرآنية، وقد ذهبوا إلى أنَّ ذلك جائز طالما من باب التذكير والموعظة، وليس من باب اتخاذها حرزًا من الجن أو الشياطين، فالاعتقاد بها لا يجوز بهذا الشكل، فالضار والنافع والحافظ هو الله تعالى وحده، وقد سئل الشيخ ابن باز عن ذلك فأجاب رحمه الله تعالى: “لا مانع من تعليق الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية في المجالس والمكاتب كل ذلك لا بأس به؛ للتذكير والعظة والفائدة، لا اتخاذها حروزا تمنع من الجن، ونحو ذلك، وإنما تعلق للفائدة والذكرى”.
تحريم تعليق آيات القرآن على الجدران
ذهب بعض الفقهاء إلى عدم جواز تعليق شيء من القرآن الكريم على الجدارن والأبواب والنوافذ وما إلى هنالك، حيث أنَّ هذه الأمور من الأمور المحدثة في الدين الإسلامي ولم يقم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحابته رضي الله عنهم من بعده، وهم خير القرون وأفضل الناس، ولو كان ذلك خيرًا لقاموا به وسبقونا إليه، ولو كان به خير لأوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته، فقد أكمل الله تعالى لهم دينهم على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتم عليهم نعمته ورضي لهم الإسلام كما وردنا دينًا قويمًا، ولذلك لا يجوز الابتداع في هذه الأمور التعبدية، وفي الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مَن أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هذا ما ليسَ فِيهِ، فَهو رَدٌّ”،[3] كما أن تعليقها قد يؤدي إلى امتهانها إما إلى سقوطها مع القاذورات أو تكون معلقة والناس يلغون في أمور محرمة وتشغيل الأغاني وما إلى هنالك، وممن ذهبوا إلى هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وغيره كثيرون.
حكم تعليق التمائم من القرآن الكريم
اختلف الفقهاء من أهل العلم في حكم تعليق تمائم من آيات كتاب الله تعالى وتعليقها على الأولاد، وذلك حسب تفسير الحديث الوارد في ذلك، وحسب درجة الحديث والأخذ به، إضافة إلى اجتهاد الفقهاء في ذلك، وفيما يأتي سوف يتم التفصيل في كلا القولين:
تحريم تعليق تمائم القرآن الكريم
حيث ذهب كثير من الفقهاء من أهل العلم قديمًا وحديثًا إلى أنَّ تعليق التمائم عمومًا حتى لو كان بها آيات الله تعالى لا تجوز، وذلك لعموم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنه حرم كل التمائم ولم يستثنِ منها شيئًا، ولم يقل: إلا القرآن، ولذلك حرمها أهل العلم وهو قول كل من عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس رضي الله عنها، وإليه أيضًا ذهب كل من عقبة بن عامر وحذيفة وابن عكيم، وذلك سدًّا للذرائع حتى لا يفضي إلى تعليق تمائم من غير القرآن الكريم، ولأن تعليق شيء كتميمة سوف يتم امتهانه وإهانته من خلال أخذه معه إلى جميع الأماكن مثل أماكن قضاء الحاجة وهذا لا يجوز، ومن الذين حرموا هذه التمائم في العصر الحديث ابن باز وابن عثيمين وغيرهم كثير.
جواز تعليق تمائم القرآن الكريم
ذهب فريق آخر من العلماء إلى أنَّ تعليق التمائم من القرآن الكريم جائز، حيث يجب أن يضعها المسلم وهو يعتقد أن الضار والنافع وكاشف البلاء هو الله تعالى وحده، وإنما توضع للتذكير والتبرك بها، وفقد نسب إلى الإمام مالك والنووي رحمهما الله تعالى أنَّ تعليق التمائم في الإسلام جائز بشروط، وهي أن لا يعتقد من يضعها أن الضرر يرفع بسبب هذه التميمة، بل ينسب الفضل كله لله تعالى، وأن تكون من القرآن الكريم والأدعية والأذكار المأثورة وما إلى هنالك، وقد أشار النووي إلى ذلك بقوله: “وأما ما يعلق تبركاً بذكر الله تعالى فيها وهو يعلم ألا كاشف إلا الله ولا دافع عنه سواه فلا بأس بها إن شاء الله تعالى”.
وقال أيضًا في شرح صحيح مسلم: “وقول مالك: أرى ذلك من العين. أي أظن أن النهي مختص بمن فعل ذلك بسبب رفع ضرر العين. وأما من فعله لغير ذلك من زينة وغيرها فلا بأس”، وهذا يشير إلى جواز تمائم القرآن عند أصحاب هذا الرأي، وإلى هذا القول أيضًا ذهب عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، فقد استدل بأن رسول صلى الله عليه وسلم كان يعلمه كلمات: أعوذ بكلمات الله التامات من شر عباده وغضبه وعقابه، فكان رضي الله عن هيتعلم هذه الكلمات ويرددها صباحًا ومساءً، وكان يعلمها للأطفال الصغار ومن لم يستطع أن يحفظها كان يكتبها لهم على ورقة ويعلقها على صدره حتى يتمكن من حفظها، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ذلك، ولذلك اعتبروا هذا السكوت إجماعًا منهم رضي الله عنهم أجمعين.
مقالات قد تهمك
وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال حكم تعليق شيء من القرآن على الجدران وفي أعناق الأولاد وقد تعرفنا على التمائم في الإسلام، كما عرفنا حكم التمائم، وعرفنا حكم تعليق شيء من القرآن الكريم على الجدران في المنازل وعلى الأولاد، كما عرفنا أقوال العلماء في تمائم القرآن الكريم وما إلى هنالك من معلومات أخرى.
المراجع
- ^ صحيح أبي داود، عبد الله بن مسعود، الألباني، 3883 ، صحيح
- ^ islamweb.net، تعريف التمائم والنهي عنها، 15/01/2024
- ^ صحيح البخاري، عائشة أم المؤمنين، البخاري، 2697 ، صحيح
التعليقات