فضل قيام ليلة النصف من شعبان

فضل قيام ليلة النصف من شعبان
فضل قيام ليلة النصف من شعبان

فضل قيام ليلة النصف من شعبان والتي تعد من الليالي المباركة في شهر شعبان المبارك قبل شهر رمضان، وقد جاء في هذه الليلة الكثير من الأحاديث التي تبيّن فضلها، ولكن ليست كلها صحيحة فمنها الصحيح ومنها الضعيف ومنها المكذوب والموضوع، وقد جاء عن أهل العلم الكثير من الأقوال التي تبين فضلها وجميعهم متفقين على أفضلية هذه الليلة لكن لا أفضلية للأعمال  فيها، ومن خلال هذا المقال سيتم بيان حكم القيام في ليلة النصف من شهر شعبان وفضله وفضائل العمل فيها.

ليلة منتصف شعبان

إن ليلة النصف من شعبان واحدة من الليالي التي يقوم الكثير من الناس بالاهتمام بها، وذلك لأنها واحدة من ليالي الشهر العظيم شعبان، ولما ورد فيها من مجمل الأحاديث في السنة النبوية الشريفة، وتعد ليلة النصف من شعبان ليلة الخامس عشر منه، وهي الليلة التي تبدأ بغروب شمس الرابع عشر من شعبان، وتمتد حتى طلوع فجر  الخامس عشر من شعبان، وقد تم فيها بحسب الروايات تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، وذلك في العام الثاني للهجرة، كما أنها ليلة الرحمة والمغفرة، وقد تمّ تسميتها بعديد الأسماء كليلة البراءة وليلة القسمة، وكان في فضلها حديثٌ طويلٌ لأهل العلم سيتم تسليط الضوء عليه عبر السطور الآتية.[1]

شاهد أيضًاحكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان

فضل قيام ليلة النصف من شعبان

لم يرد في فضل قيام ليلة النصف من شهر شعبان أي دليلٍ شرعيٍ صحيح باتفاق أهل العلم، وكل ما ورد فيها كان باطلًا أو ضعيفًا لا يؤخذ به ولا يحتج به، فمن شدة ضعف الأحاديث الواردة في القيام والعمل في ليلة النصف من شعبان وبطلانها ذكر أهل العلم أنه حتى في فضائل الأعمال لا يؤخذ بها، وقد شاعت أخبار فضائل ليلة النصف من شعبان في الكثير من بلاد المسلمين التي شاع فيها الجهل وقلت المعرفة بأمور الشريعة والدين، فلا فضل لقيام ليلة النصف من شعبان زائدٌ عن فضل قيام غيرها، ولا تُخصص هذه الليلة دون غيرها بأي صلاة أو عبادة، وقد ذهب بعض أهل العلم وهم فئة قليلة إلى أنه لو أراد المسلم أن يقوم ليلة النصف من شعبان فعليه أن لا يعتقد بفضلٍ لقيامها دون غيرها، وعليه أن يكون قيامه منفردًا كحال قيامه في سائر الليالي، وأن لا يقوم بتخصيص عدد ركعاتٍ لقيامه، ولا يقوم بتخصيص ذكرٍ فيه ولا سورة من القرآن يقرأها فيه، وأن يكون له من عادة القيام في كل الليالي أو معظمها، فلو كان ذلك فلا حرج في قيامه وله فضل وأجر القيام كأي ليلة لا زيادة في ذلك والله أعلم.[2]

حكم إحياء ليلة النصف من شعبان

استناداً لما رواه بعض أهل الحديث من حديث اطّلاع الله على عباده في ليلة النصف من شعبان أباح بعض أهل العلم إحياءها بالعبادة، بل إن بعضهم قال أن إحياءها مستحب بالرغم من تحريم قسمٍ كبيرٍ منهم لذلك، فأول إحياءٍ فيها أن يعلن المسلم توبته إلى الله سبحانه وتعالى ويخرج ما في قلبه من غل وحقد وكره وشحناء وشرك، ويجعل قلبه مؤمنًا بالله موحدًا له لا شريك له، ثم لو شاء قام فيها فصلى ما شاء له أن يصلي منفردًا دون جماعة، ومتوكلًا على الله دون تحديد لعدد ركعاتٍ معين أو اسمٍ لصلاةٍ معينة، ولا يعتقد فيها أي فضلٍ خاص، ولو شاء قام في ظلمة الليل فيها كقيامه في دونها من الليالي يدعو الله ويسأله من خير الدنيا وخير الآخرة دون تخصيص لدعاء معين، بل يدعو بالأدعية المشروعة من الكتاب والسنة، فبعض الناس يقومون بأداء ما يعرف بصلاة الرغائب وصلاة ليلة النصف من شعبان، وهاتان صلاتان منكرتان بدعيتان لا يجوز للمسلمين أداءهما والله ورسوله أعلم.[3]

شاهد أيضًاكلام عن ليلة النصف من شعبان ، عبارات عن ليلة النصف من شعبان

حكم صلاة الرغائب في النصف من شعبان

إن بحث المسلمين عن فضل قيام ليلة النصف من شعبان يشمل بحثهم عن حكم صلاة الرغائب فيها، وحكم صلاة قيام نصف شعبان مائة ركعة، وهما صلاتان منكرتان مبتدعتان باتفاق أهل العلم، وإن صلاة الرغائب بعض الناس يصلونها في أول جمعة من شهر رجب، وآخرون يصلونها في ليلة النصف من شعبان، وتكون بين صلاتي المغرب والعشاء ويسبقونها بالصيام للنهار الذي يسبقها، وهذا منكر لا يجوز ولا يصح، حيث إن صلاة الرغائب أو صلاة نصف شعبان ابتدعها بعض الناس في بيت المقدس بعد أكثر من أربعمائة وثمانون عامًا من الهجرة، ولا أصل لها في الشريعة الإسلامية وقد جاء عن الإمام النووي في كتابه المجموع قوله: “وصلاة ليلة نصف شعبان مائة ركعة وهاتان الصلاتان بدعتان ومنكران قبيحتان ولا يغتر بذكرهما في كتاب قوت القلوب , وإحياء علوم الدين , ولا بالحديث المذكور فيهما فإن كل ذلك باطل ، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما فإنه غالط في ذلك” لذلك لا يصح من المسلم أن يصليها في شعبان في ليلة المنتصف منه أو في غيره والله ورسوله أعلم.[4]

فضل ليلة النصف من شعبان

إن الفضل الصحيح والثابت في الإسلام لليلة النصف من شعبان أن الله -سبحانه وتعالى- جعل لها مزيةً خاصة ففيها يطّلع على جميع خلقه دون استثناء ويغفر لهم فيها ذنوبهم جميعًا، إلا من استثنى منهم وهم المشرك الذي يعبد غير الله في الأرض حتى يترك شركه، والمشاحن الذي يخاصم المسلمين ويعاديهم أي يباغض بعض إخوانه، حتى يصطلح مع خصومه ويترك شحناءه، فعن أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنَّ اللهَ يَطَّلِعُ علَى عِبادِه في ليلةِ النِّصفِ مِن شعبانَ ، فَيغفِرُ للمؤمنينَ ، و يُمْلِي للكافِرينَ ، و يَدَعُ أًهلَ الحِقْدِ بِحقْدِهِمْ حتَّى يَدَعُوهُ”.[5] وقد ورد أيضًا في رواية لأبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- فكانت ليلة النصف من شعبان فرصة مباركة وكبيرة حتى يصلح المسلمون من سرائرهم وإيمانهم بالله، ويصلحوا أحوالهم وتعاملاتهم مع خلقه، فيتوبوا إلى الله ويتركوا المعاصي والذنوب، ولم يرد في فضل ليلة النصف من شعبان أو العمل فيها أي أحاديث صحيحة غير هذا الحديث، ولا يشرع للمسلم تخصيصها بأي عمل لا صلاة ولا قيام وقال صيام ولا ذكر، فكل ما ورد بهذا الخصوص مكذوب وموضوع عن  النبي -صلى الله عليه وسلم- والله ورسوله أعلم.[6]

شاهد أيضًاأحاديث صحيحة عن ليلة النصف من شعبان

هل يستحب قيام ليلة النصف من شعبان

ورد عن بعض أهل العلم والفقهاء من المذاهب الفقهيّة الأربعة أنّه يُستحبّ للمسلم قيام ليلة النّصف من شعبان لما ذكر في بعض الأحاديث النّبوية الصّحيحة من فضلٍ لهذه الليلة، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إنَّ اللهَ يَطَّلِعُ علَى عِبادِه في ليلةِ النِّصفِ مِن شعبانَ ، فَيغفِرُ للمؤمنينَ ، و يُمْلِي للكافِرينَ ، و يَدَعُ أًهلَ الحِقْدِ بِحقْدِهِمْ حتَّى يَدَعُوهُ”.[5] وقد صحّحه العديد من علماء الحديث كابن حبان وغيره، ويستحب قيام هذه الليلة لما فيها من الرحمة والمغفرة فتلك ميزةٌ من الميزات العظيمة التي لم يخصّ بها الله تعالى الليالي الأخرى، يقول الإمام الشّافعيّ رحمه الله تعالى في كتابه الأم: “أنا أستحب كل ما حكيت في هذه الليالي [منها ليلة النصف من شعبان]”، كذلك قال ابن تيمية رحمه الله تعالى وهو من علماء الحنابلة: “وأما ليلة النصف فقد روى في فضلها أحاديث وآثار، ونقل عن طائفة من السلف أنهم كانوا يصلون فيها، فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدمه فيه سلف وله فيه حجة فلا ينكر مثل هذا”، كما كان هذا مذهب الحنفية والمالكية، فإذا أراد المسلم أن يقوم في هذه الليلة للطاعة والاستغفار والذّكر، فإنّ القيام يكون للفرد، فلا يصحّ الاجتماع في هذه الليلة وقول الأذكار بصورةٍ جماعية أو القيام بصلاة جماعية، لأنّ ذلك صار من البدع المحدثة في الدّين والعياذ بالله، كذلك لا يجوز القيام بالصلوات التي انتشر ذكرها بين العباد كالصلاة الألفية وغيرها من هيئات الصلوات المبتدعة، وإنّما يقومها المسلم كقيامه لسائر الليالي الأخرى، والله أعلم.[6]

فضل صيام يوم النصف من شعبان

لم ترد في السّنة النبويّة المباركة أيّ أحاديث صحيحة تسنّ للمسلم صيام اليوم الخامس عشر من شهر شعبان، وكل الأحاديث الواردة ضعيفة وموضوعة، ومنها: “إذا كان ليلةُ النصفِ من شعبانَ قوموا ليلَها وصوموا نهارَها ، فإنَّ اللهَ ينزلُ فيها لغروبِ الشمسِ إلى السماءِ فيقول : ألا مُستغْفِرٍ فأغفرَ له ، ألا مُسترزِقٌ فأرزقَه حتى يطلعَ الفجرُ”.[7]أي أنّ صيام يوم النصف من شعبان هو بدعةٌ من البدع المحدثة في الشّريعة الإسلاميّة الحنيفة، ولا توجد أيّة أحاديث تفيد بأنّ للصيام في يوم النصف من شعبان له فضلٌ عند الله تعالى للمسلمين، كذلك لم يثبت أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد صام في اليوم الخامس عشر من شهر شعبان أو أنّ صحابته الكرام قد فعلوا ذلك، لكن يجوز صيامه لمن اعتاد صيام الثلاثة البيض من كلّ شهر، كذلك يصحّ صيامه إذا وافق الاثنين أو الخميس لمن اعتاد الصّيام، وأمّا غير ذلك فلا يصحّ إطلاقًا والله أعلم.[8]

فضل دعاء ليلة النصف من شعبان

إنّ للدعاء في ليلة النصف من شعبان فضلٌ كسائر الليالي الأخرى، وذلك لأن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدّنيا في كلّ ليلةٍ من ليالي العام، فيغفر للمستغفرين ويجيب دعوة الدّاعين، ويجزي بالخير القائمين بالعبادات والطّاعات، ولقد صحّ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: “تفتحُ أبوابُ السماءِ نصفَ الليلِ فينادِي منادٍ هل من داعٍ فيُستجابُ له هل من سائلٍ فيُعطَى هل من مكروبٍ فيُفرَجُ عنه فلا يَبقَى مسلمٌ يدعو بدعوةٍ إلا استجاب اللهُ له إلا زانيةً تسعَى بفرجِها أو عشَّارًا”.[9] وورد عن الشّافعي رحمه الله تعالى أنّه قال: “بلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال: ليلة الجمعة، والعيدين، وأول رجب، ونصف شعبان”. لذا إذا قام المسلم في هذه الليلة فدعا فله الإجابة من عند الله تعالى بإذنه جلّ وعلا، والله أعلم.

شاهد أيضًا: صحة حديث اذا كانت ليلة النصف من شعبان

أحاديث لا تصح في فضل ليلة النصف من شعبان

جاء في فضل قيام ليلة النصف من شعبان وفضل العمل فيها وفضلها بعموم الفضل الكثير من الروايات التي نُسبت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي روايات لم يصح فيها إلا حديث أو اثنين، وكل ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان لا يصح وهو ما بين الباطل وبين الموضوع وبين المنكر وبين الضعيف، ولا يعتد بها ولا يُعمل بها، ومن تلك الأحاديث الواجب التنبيه منها ما يأتي:[10]

  • “إذا كانت ليلةُ النصف من شعبان، فقوموا ليلها، وصوموا نهارها” لا يصح.
  • “خمس ليالٍ لا تُردُّ فيهن الدعوة: أوَّل ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة الجمعة، وليلة الفِطر، وليلة النحر” لا يصح.
  • “أتاني جبريل عليه السلام، فقال لي: هذه ليلة النِّصف من شعبان، ولله فيها عُتقاءُ من النار بعدد شَعر غنم كلب” لا يصح.
  • “من صلى ليلة النصف من شعبان ثلاثمئة ركعة – في لفظ ثنتي عشرة ركعة – يقرأ في كل ركعة ثلاثين مرة قل هو الله أحد، شُفع في عشرة قد استوجبوا النار” لا يصح.
  • “من أحيا الليالي الخمس، وجبت له الجنة: ليلة التروية، وليلة عرفة، وليلة النحر، وليلة الفِطر، وليلة النصف من شعبان” لا يصح.
  • “في ليلة النصف من شعبان يُوحي الله إلى ملَك الموت بقبْض كل نفَس يريد قبضها في تلك السَّنة” لا يصح.
  • “يا عليُّ، مَن صلَّى مِئةَ ركعةٍ ليلةَ النِّصفِ مِن شعبانَ، يقرأُ في كلِّ ركعةٍ فاتحةَ الكتابِ، و{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} عشرَ مرَّاتٍ؛ إلَّا قضَى اللهُ لهُ كلَّ حاجةٍ”. لا يصح.

بهذا نكون قد وصلنا لنهاية مقال فضل قيام ليلة النصف من شعبان، والذي تم من خلاله تسليط الضوء على أحكام قيام نصف شعبان، وأحكام تخصيصها بالعمل من الصلاة والصيام والدعاء.

أسئلة شائعة

أسئلة شائعة
ما فضل صلاة مائة ركعة في ليلة النصف من شعبان؟
يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من صلى في هذه الليلة خمس عشرة من شعبان مائة ركعة أرسل الله إليه مائة ملك، ثلاثون يبشرونه بالجنة، وثلاثون يؤمنونه من عذاب النار، وثلاثون يدفعون عنه آفات الدنيا، وعشرة يدفعون عنه مكائد الشيطان" وهو حديث باطل.
كيف اصلي صلاة النصف من شعبان؟
لا يصح تخصيص صلاةٍ ليلة النصف من شعبان، بل لو كان المسلم يقوم الليل في سائر الليالي أو معظمها قام منفردًا كما يقوم في غيرها بلا تخصيص.

المراجع

  1. ^ marefa.org، ليلة منتصف شعبان، 03/03/2023
  2. ^ islamqa.info، ليلة النصف من شعبان لا تخصص بالعبادة، 03/03/2023
  3. ^ aliftaa.jo، حكم إحياء ليلة النصف من شعبان، 03/03/2023
  4. ^ islamqa.info، بدعة صلاة الرغائب، 03/03/2023
  5. ^ صحيح الجامع، أبو ثعلبة الخشني، الألباني، 1898، حسن
  6. ^ saaid.net، فضل ليلة النصف من شعبان، 03/03/2023
  7. ^ مجموع فتاوى ابن عثيمين، علي بن أبي طالب، ابن عثيمين، 26/20، دائر بين الضعف والوضع
  8. ^ islamweb.net، لم يثبت في السنة تخصيص يوم النصف من شعبان بصيام، 03/03/2023
  9. ^ مجمع الزوائد، عثمان بن أبي العاص الثقفي، الهيثمي، 10/156، رجاله رجال الصحيح
  10. ^ dorar.net، أحاديث منتشرة لا تصح، 03/03/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *