عناصر المقال
حديث الرسول عن الغضب، الغضب من الاخلاق السيئة التي توقع العبد في الكثير من المشكلات وتسبب الكثير من المشاكل له ولغيره، فالعبد بالغضب إما أن أن يؤذي نفسه أو يؤذي غيره، وقد نها الإسلام عن الغضب في حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذا المقال سنتعرف على معنى الغضب وحديث الرسول عن الغضب ونبين لكم نتائج الغضب وآثاره وكيفية الوقاية منه.
تعريف الغضب
الغَضَب في اللغة الغضب بفتح الغين والضاد هو ضد الرضا، ومعنى الغَضَب اصطلاحًا هو غليان دم القلب طلباً للانتقام من شيء ما حصل منه ما يؤذي، وقال الجرجاني: “الغَضَبُ: تغير يحصل عند غليان دم القلب، ليحصل عنه التشفي للصَّدر” وقيل: “هو غليانُ دم القلب، طلبًا لدفع المؤذي عند خشية وقوعه، أو طلبًا للانتقام ممن حصل له منه الأذى بعد وقوعه”.[1]
شاهد أيضًا: أحاديث عن المولد النبوي الشريف مكتوبة
حديث الرسول عن الغضب
لقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من حديث فيما ينهى فيه عن هذا الخلق السيئ وسنورد لكم في السطور الآتية ما تيسر من الأحاديث النبوية التي نهى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغضب: [2]
- الحديث الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني قال: “لا تغضب، فردد مرارًا، قال: لا تغضب”.[3]
- الحديث الثاني: وعن سليمان بن صرد قال: ” استبَّ رجلان عند النَّبي صلى الله عليه وسلم، ونحن عنده جلوس، وأحدهما يسبُّ صاحبه مغضبًا قد احمرَّ وجهه، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: إنِّي لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. فقالوا للرَّجل: ألا تسمع ما يقول النَّبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: إني لست بمجنون”.[4]
- الحديث الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّدِيدُ الذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ”.[5]
شاهد أيضًا: حديث يدل على محبه الرسول صلى الله عليه وسلم للانصار
أنواع الغضب
للغضب نوعان غضب محمود وغذب مذموم، أما المحمود فهو الغضب نصرةً للحق وابتغاء مرضاة الله، وفي ذلك قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ووصفها لصفات رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ مِنْ شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ لِلَّهِ حُرْمَةٌ، فَإِذَا انْتُهِكَتْ للَّهِ تَعَالَى حُرْمَةٌ، كَانَ أَشَدَّ النَّاسِ غَضَبًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ”، والنوع الثاني هو الغضب المذموم وهو ما كان انتصاراً للنشيطان وتلبيةً لأهواء النفس وإطاعةً لوساوس الشيطان والذي يفضي في النهاية إلى إلحاق الأذى بالغاضب أو المغضوب منه.[6]
آثار الغضب
للغضب آثارٌ كثيرة تنعكس على مظهر الغاضب وباطنه وترتسم على وجهه وملامحه وتظهر على لسانه وأعضائه ولا تقتصر آثار الغضب على الإنسان الذي يغضب فقط بل إن آثاره تمتد لتشمل من يكون حوله من الناس وقت غضبه وبالتالي فإن آثار الغضب تنعكس على المجتمع بأسره، ومن آثار الغضب:[7]
- الآثار الظاهرة على البدن: تغير في لون البشرة وارتعاش في الأطراف وغياب العقل واضطراب في الحركة والكلام، واحمرار في الوجه والأحداق وظهور الزبد على الأشداق وينقلب حال الإنسان وقت الغضب إلى أسوأ حال وتنقلب صورته إلى أبشع صورة.
- الآثار الظاهرة على اللسان: اعتلال في اللفظ وارتفاع في الصوت وانطلاق بقبائح الكلام من السب والشتم والكلام الفاحش مما لا يقبله العقل وقت صحوته.
- الآثار الظاهرة على الأفعال: والغضب يهيج الدم في العروق ويدفع الإنسان إلى ارتكاب أفعال التدمير والتخريب إما لنفسه أو لغيره، وقد يلحق أذى الإنسان الغاضب كل ما حوله من بشر أو حيوانات أو جماد أو غير ذلك.
- الآثار الظاهرة على القلب: فالغضب يغلف القلب بطبقة من الحقد الذي يعمي العيون ويميت القلب ويدفع إلى الانتقام والحسد والشماتة وغير ذلك من الأفعال المنكرة.
شاهد أيضًا: حديث الرسول عن التمر في رمضان
طرق الوقاية من الغضب
وأما الوقاية من هذا الخلق السيء فتكون باجتناب أسباب الغضب والابتعاد عنه والتخلق بخلق الحلم ودوام مراقبة الله وذكره، فمن الأسباب التي تدفع الإنسان إلى الغضب هي الكبر والرياء والإعجاب بالنفس وشدة الحرص والبخل وكثرة المزاح في غير وقته[6]، وإن من أهم طرق الوقاية من الغضب هي التدرب والتعود على كظم الغيظ فهي من صفات المؤمنين قال تعالى: ” الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”[8]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” مَن كَظَمَ غيظًا وهو قادرٌ على أن يَنْفِذَه دعاه اللهُ عزَّ وجلَّ على رؤوسِ الخلائقِ يومَ القيامةِ حتى يُخَيِّرُه اللهُ مِن الحُورِ ما شاءَ.”[9]
طرق علاج الغضب
وأما عن كيفية علاج هذا الخلق السيء فهو في اتباع الأمور الآتية:[6]
- التخلق بالعفو والحلم وكظم الغيظ، والعفو عند المقدرة، وطلب الثواب من الله تعالى وخشية عقاب الله على ما يتبع الغضب من التصرفات المؤذية، قال تعالى: ” خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ”.[10]
- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم وذلك أن الغضب من الشيطان فهو الذي يشحن نفس الإنسان ويوسوس له ويدفعه للانتقام، فعن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال: ” استبَّ رجلان عند النَّبي صلى الله عليه وسلم، ونحن عنده جلوس، وأحدهما يسبُّ صاحبه مغضبًا قد احمرَّ وجهه، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: إنِّي لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. فقالوا للرَّجل: ألا تسمع ما يقول النَّبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: إني لست بمجنون”.[4]
- تغيير الحالة التي يكون عليها الغضبان وقت غضبه، وتغيير مكانه فإن كان واقفاً يجلس وإن كان جاساً يغير جلسته بما يريحه ويدخل الاطمئنان إلى قلبه أو الخروج من المكان الذي غضب فيه، والإمساك عن الكلام والجدال والحوار وقت الغضب.
- الاغتسال والوضوء وقت الغضب، فالغضب من النار ولا يطفئ النار غير الماء، وقد روي عن رسول الله في أحد الأحاديث الضعيفة قوله صلى الله عليه وسلم: ” إنَّ الغضبَ من الشيطانِ وإنَّ الشيطانَ خُلقَ من النَّارِ وإنَّما تُطفأُ النَّارُ بالماءِ فإذا غضب أحدُكم فليتوضأْ”.[11]
شاهد أيضًا: حديث عن التسامح مع الآخرين
ذم الغضب في الشعر العربي
وفي هذه الفقرة ندرج لكم بعض الأبيات الشعرية في ذم الغضب:
- قال الشاعر:
ولم أرَ فضلًا تمَّ إلا بشيمةٍ ولم أرَ عقلًا صحَّ إلا على الأدبِ
ولم أرَ في الأعداءِ حين اختبرتهم عدوًّا لعقلِ المرءِ أعدَى مِن الغَضَبِ
- قال الشاعر:
لم يأكلِ الناسُ شيئًا مِن مآكلِهم أحلَى وأحمدَ عقباه مِن الغَضَبِ
ولا تلحَّف إنسانٌ بملحفةٍ أبهى وأزينَ مِن دينٍ ومن أدبِ
- قال الشاعر:
وكظمي الغيظَ أولى مِن محاولتي غيظَ العدوِّ بإضراري بإيماني
لا خيرَ في أمرٍ تُـرْدِيني مغبَّـتُه يومَ الحسابِ إذا ما نصَّ ميزاني
- قال الشاعر:
وإذا غضبتَ فكنْ وقورًا كاظمًا للغيظِ تبصرُ ما تقولُ وتسمعُ
فكفَى به شرفًا تبصُّرُ ساعةٍ يرضَى بها عنك الإلهُ ويدفعُ
إلى هنا أعزاءنا القراء نصل وإياكم إلى نهاية رحلتنا في رحاب هذا المقال الذي قدمناه لكم بعنوان حديث الرسول عن الغضب فقد بينا لكم في هذا المقال معنى الغضب وآثاره وعلاجه وكيفية الوقاية منه، كما أدرجنا لكم الاحدايث النبوية التي وردت في النهي عن الغضب، فهذا ما أعاننا الله على جمعه وتقديمه فنسأل الله أن يكون فيه خير لكم وفائدة.
المراجع
- ^ dorar.net، معنى الغَضَب لغةً واصطلاحًا، 29/10/2022
- ^ dorar.net، النهي عن الغَضَب في السنة النبوية، 29/10/2022
- ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري، 6116، صحيح
- ^ صحيح البخاري ، سليمان بن صرد، البخاري، 3282، صحيح
- ^ صحيح البخاري ، أبو هريرة، البخاري، 6114، صحيح
- ^ alukah.net، النهي عن الغضب، 29/10/2022
- ^ dorar.net، آثار الغَضَب، 29/10/2022
- ^ سورة آل عمران، الآية 134
- ^ صحيح أبي داود ، معاذ بن أنس، الألباني، 4777، حسن
- ^ سورة الأعراف ، الآية 199
- ^ ضعيف أبي داود ، عطية بن عروة السعدي، الألباني، 4784، ضعيف
التعليقات