عناصر المقال
نص حديث من تفل تجاه القبلة وما صحته هو من الأحاديث التي يهتم بمعرفتها الكثير من المسلمين ومعرفة رأي الشرع الإسلامي بها وكل ما يتعلق بهذا الحديث من أحكام شرعية وآراء علماء المسلمين به، ولذلك سوف نقوم بتسليط الضوء في هذا المقال على نص هذا الحديث وشرحه وصحته، وسوف نمر على حكم التفل نحو القبلة أثناء الصلاة أو خارج الصلاة.
حديث من تفل تجاه القبلة
إنّ الحديث الذي وردتْ فيه مسألة التفل تجاه القبلة هو الحديث الذي رواه حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- والذي قال فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم: “مَن تَفلَ تُجاهَ القبلةِ، جاءَ يومَ القيامةِ و تَفْلُه بينَ عَينيْهِ، ومَن أَكلَ من هَذِه البقلَةَ الخبيثةَ فلا يَقرَبنَّ مَسجِدَنا”. [1]
صحة حديث من تفل تجاه القبلة
يُعدّ حديثُ من تفلَ تجاهَ القبلةِ من الأحاديث الصحيحة في السنة النبوية الشريفة، فقد ورد هذا الحديث في كتابين من كتب السنة النبوية الصحيحة، وهما صحيح الترغيب وصحيح الجامع للإمام وعالم الحديث الشيخ الألباني رحمه الله تعالى، وفي كلا النصين جاء الحديث من رواية الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، وهذا يعني أنّه حديث صحيح ولا ضعف فيه، والله تعالى أعلم.
شرح حديث من تفل تجاه القبلة
جاء في شرح هذا الحديث أنّه من الواجب على المسلم أن يعظّم مساجد الله تعالى وأن ينزهها من كل شيء قذر أو نجس ومن كل رائحة خبيثة أو كريهة، وأن ينزهها عن كل ما لا يليق بها، وهذا ما ظهر بشكل جلي وواضح في هذا الحديث من خلال نهي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين على التفل تجاه القبلة، والتفل هو البصق أو إلقاء اللعاب من الفم أو إلقاء النخامة من الفم تجاه القبلة، ثم قال عليه الصلاة والسلام: “جاءَ يَومَ القيامةِ وتَفلُه بَينَ عَينَيْه” أي جاء بها مختومًا على جبتهه يوم الحساب، وفي هذا نهي صريح عن هذا الأمر الذي لا يتوافق مع ضوابط التعامل داخل بيوت الله تعالى.
وشرح تتمة الحديث؛ وتحديدًا قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- فيه: “ومَن أكَلَ مِن هذه الشَّجرَةِ الخَبيثَةِ شَيئًا”، فالمقصود بهذه الشجرة الخبيثة هي شجرة الثوم، والمقصود بالخبيثة هي رائحتها الخبيثة وليست الشجرة بحد ذاتها، فمن أكل منها فلا يقترب إلى المسجد لأنه سوف يؤذي المصلين بالرائحة الكريهة، ويرى العلماء والمفسرون أنّ هذا المنع هو لمن أكل الثوم نيئًا، أما من أكله مطهوًا فلا حرج عليه، والله تعالى أعلم. [2]
حكم التفل تجاه القبلة في الصلاة
نهى رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- المسلمين عن البصق تجاه القبلة في المسجد أثناء الصلاة، فعن أبي هريرة -رضي اله عنه- في صحيح الإمام البخاري أنه قال: ” إذَا قَامَ أحَدُكُمْ إلى الصَّلَاةِ، فلا يَبْصُقْ أمَامَهُ، فإنَّما يُنَاجِي اللَّهَ ما دَامَ في مُصَلَّاهُ، ولَا عن يَمِينِهِ، فإنَّ عن يَمِينِهِ مَلَكًا، ولْيَبْصُقْ عن يَسَارِهِ، أوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَيَدْفِنُهَا” [3]وفي تعليقه على هذا الحديث قال الحافظ بن حجر: “قوله: (ما دام في مصلاه) يقتضي تخصيص المنع بما إذا كان في الصلاة، لكن التعليل المتقدم بأذى المسلم يقتضي المنع في جدار المسجد مطلقًا، ولو لم يكن في صلاة، فيجمع بأن يقال: كونه في الصلاة أشد إثما مطلقا، وكونه في جدار القبلة أشد إثما من كونه في غيرها من جدر المسجد، فهي مراتب متفاوتة مع الاشتراك في المنع”.
وهذا الحديث وهذا الشرح يدل على أنه لا يجوز للمسلم أن يتفل تجاه القبلة أثناء الصلاة، وأن الهدي النبوي يشير إلى أنه إذا تفل المسلم أثناء صلاته فليتفل عن يساره أو تحت قدمه ثم يدفنها، والله تعالى أعلم. [4]
حكم البصق تجاه القبلة خارج الصلاة
إنّ الراجح أنه لا حرج على المسلم لو بصق تجاه القبلة خارج الصلاة، ولكن بعض أهل العلم تمسكوا في المنع بشكل مطلق، فرأوا أنه لا يجوز البصق تجاه القبلة في الصلاة أو خارج الصلاة، واستند العلماء في التحريم بالمطلق على العديد من الأقوال، مثل قول الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه: “ما بصقت عن يميني منذ أسلمت”، وفيما يأتي سوف نذكر قولي الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- والشيخ عبد الرحمن البراك في هذه المسألة: [4]
- قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: “أما في الصلاة: فيتعيّن، مثل ما قال صلَّى الله عليه وسلَّم: (فلا يبصقن)؛ نهي، والأصل منه التحريم، فلا يبصق أمامه في الصلاة أبدًا، لا في النفل، ولا في الفرض، لا في المسجد، ولا في غيره، أما في خارج الصلاة: فهذا محل نظر، الأمر فيه سهل، لكن إذا كان عن يساره حتى في خارج الصلاة ، يكون أكمل وأحوط”.
- قال الشيخ عبد الرحمن البراك: “لا إله إلا الله، يظهرُ أنَّهُ لا يَنْبَغِي تعمُّدُ هذا مِن غيرِ حاجة، يظهر، وإلَّا الذي وردَ: (إذا قامَ أحدُكُم في الصَّلاةِ فإنَّه يُنَاجِي ربَّهُ فلا يَبْصُقَنَّ قِبَلَهُ)؛ فالأحاديثُ ظاهرُها أنَّ ذلكَ خاصٌّ بالصَّلاةِ، لكن القبلةَ لها يعني حُرمةٌ، ولهذا جاءَ النَّهيُ عَن استقبالِها واستدبارِها في قضاءِ الحاجةِ، فالأولى أنْ يبصقَ عَن يمينِه أو عَن يسارِه ، ولا يبصقَ إلى جهةِ القِبلةِ، الذي وردَ في النّصوصِ هو فِعْلُ ذلكَ في الصَّلاةِ ، لأنَّهُ عَلَّلَهُ بقولِهِ: (فإنَّ اللهَ قِبَلَ وجهِهِ)، وذِكْرُ القبلةِ؛ لأنَّ الرَّسولَ -عليه الصَّلاة والسَّلام- رأى نُخَامةً في قبلةِ المسجدِ، في قبلةِ المسجدِ، يظهر مِن ذلكَ أنَّ الذي فعلَها كانَ يصلّي، فبصقَ قِبَلَ وجهِهِ وهو يُصلّي، فكانَتْ في جدارِ المسجدِ القِبْلِي، في جدارِ المسجِد القِبْلِي”.
مقالات قد تهمك
بهذه الأحكام الشرعية نصل إلى نهاية وختام هذا المقال الذي مررنا فيه بالتفصيل على نص حديث من تفل تجاه القبلة وما صحته ثم ألقينا فيه الضوء على حكم التفل تجاه القبلة في الصلاة وحكم البصق تجاه الكعبة أيضًا خارج الصلاة.
المراجع
- ^ صحيح الترغيب، حذيفة بن اليمان، الألباني، 339، صحيح.
- ^ dorar.net، شرح حديث من تفل تجاه القبلة، 25/02/2024
- ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري، 416، صحيح.
- ^ islamqa.info، ما حكم البصق جهة القبلة خارج الصلاة؟، 25/02/2024
التعليقات