شرح قصيدة قارئة الفنجان والصور الفنية فيها

شرح قصيدة قارئة الفنجان والصور الفنية فيها، هي للشاعر السوري الكبير نزار قباني، كتبها في عام 1970م، وقد جاءت على شكل شعر التفعيلة، وبنى تفعيلته على البحر المتدارك، نظرًا لقربه من النفس والانطباع الحزين الذي يتركه فيها، فيما أشار بعض الباحثين إلى أنّ القصيدة رمزيّة، وأنّ المقصود فيها بقول “يا ولدي” هي الشعوب العربية، وبالأخص الشعب الفلسطيني ومستقبله، وفي مقالنا الآتي سنتعرف على قصيدة قارئة الفنجان وعلى شرحها.

من هو كاتب قصيدة قارئة الفنجان

هو الشاعر الكبير الراحل نزار قباني، وهو دبلوماسي شاعر ولد في 21 آذار / مارس 1923م في دمشق سوريا، وهو من أسرة تجارية فوالده توفيق قباني كان مالكاً لمصنع شوكولا، بينما الكاتب والمسرحي أبو خليل القباني هو أحد أقاربه، كان له أختان: وصال وهيفاء وثلاث أخوة: معتز، صباح ورشيد، درس الحقوق في جامعة دمشق وعُرف بكتابة الشعر منذ مراهقته، عمل نزار في السلك الدبلوماسي السوري من عام 1945م حتى عام 1966م، توفي في لندن في 30 نيسان / أبريل عام 1998م ودفن في مدينة دمشق، تأثر كثيرًا بانتحار شقيقته، وكان لهذا التجربة تأثير كبير على شِعَرِه الذي يُؤَكِّدُ على الحب والمرأة، وافتتح دار نشر خاصة به باسم “منشورات نزار قباني” ونشر العديد من المجموعات الشعرية خلال حياته، وتبقى أعماله الشعرية هي البصمة الأهم في تاريخ الأدب العربي والعالمي وله العديد من الدواوين الشعرية منها: “كتاب الحب، و”مئة رسالة حب”، و”قصائد متوحشة”، و”أشعار خارجة عن القانون”، و”إلى بيروت الأنثى، مع حبي”، و”أشهد أن لا امرأة إلا أنت” و” كل عام وأنت حبيبتي”.^[1]

شرح قصيدة قارئة الفنجان

قصيدة قارئة الفنجان هي من القصائد الحزينة ومن شعر التفعيلة، وفيما يأتي نعرض شرح لبعض أبيات هذه القصيدة:^[2]

• جَلَسَت والخوفُ بعينيها
  تتأمَّلُ فنجاني المقلوب

بدأت الشاعر قصيدته بجو خيالي وهو عالم التنجيم والعرافة الذي يقتحمه أي إنسان رغبة في معرفة الغيب والاطلاع على غده وما يكتبه له القدر من صراعات وخفايا، ويقصد الشاعر أن الأمم جلست خائفة قلقة من أن ينكشف ما ستؤول إليه تتأمل مصير الإنسان الفلسطيني.

• قالت:
  يا ولدي.. لا تَحزَن
  فالحُبُّ عَليكَ هوَ المكتوب
  يا ولدي،

قالت العرافة يا أيها الشعب الفلسطيني لا تحزن ولا تجزع لما أصابك، فحب الوطن مكتوب عليك، ولكنك لا تزال صغيراً.

• قد ماتَ شهيداً
  من ماتَ على دينِ المحبوب

يقول الشاعر أن كل إنسان مات وفي دينه حب الوطن والدفاع عنه فقد مات شهيداً.

• فنجانك دنيا مرعبةٌ
  وحياتُكَ أسفارٌ وحروب..

مصيرك أيها الشعب الفلسطيني مرعب وحياتك صعبة مليئة بالسفر والهجرة والحروب.

• ستُحِبُّ كثيراً يا ولدي..
  وتموتُ كثيراً يا ولدي
  وستعشقُ كُلَّ نساءِ الأرض..
  وتَرجِعُ كالملكِ المغلوب

سيحب أبناؤك أيها الشعب الفلسطيني أرضهم كثيراً، وفي سبيلها سيموت كثير منهم، وسيعشق أبناؤك كل بُقعة من أرض فلسطين، ولكن على الرغم من شجاعة أبنائك وصمودهم وصلابتهم ولكنهم سيغلبون وسيرجعون كالأبطال المضطهدين.

• بحياتك يا ولدي امرأةٌ
  عيناها، سبحانَ المعبود
  فمُها مرسومٌ كالعنقود
  ضحكتُها موسيقى و ورود

ستمتلك أيها الشعب الفلسطيني في حياتك أرضاً جميلة، هي أرض الإسراء والمعراج وأرض المقدس، وسبحان الله من جمال مدخل فلسطين الذي يشبه عنقود العنب، ومن روعة الطبيعة فيها فورودها تنشر السرور وكأنها تعزف الموسيقا فرحاً.

• لكنَّ سماءكَ ممطرةٌ..
  وطريقكَ مسدودٌ.. مسدود

ولكن سماء فلسطين ممطر بالقنابل، فهي محاصرة ولا سبيل للوصول إليها فالطريق مغلق وممنوع.

• فحبيبةُ قلبكَ.. يا ولدي
  نائمةٌ في قصرٍ مرصود

أرض فلسطين هي حبيبة قلب الشعب الفلسطيني، لا يستطيع الوصول إليها، ولكنها محروسة ومرصودة كالأميرة النائمة في قصرها.

• والقصرُ كبيرٌ يا ولدي
  وكلابٌ تحرسُهُ.. وجنود

أيها الشعب الفلسطيني أرضك جميلة وواسعة ولكنها محاصرة، وقد وضع عليها حراسة مشددة من قبل اليهود.

• وأميرةُ قلبكَ نائمةٌ..
  من يدخُلُ حُجرتها مفقود..
  من يطلبُ يَدَها..
  من يَدنو من سورِ حديقتها.. مفقود
  من حاولَ فكَّ ضفائرها..
  يا ولدي ..
  مفقودٌ.. مفقود

قضية أرضك أيها الشعب الفلسطيني  قضية جامدة معقدة صعبة الحل والفك، فمن يحاول الاقتراب من أرضك أو قضيتك ليعيد لك حقك فهو مفقود، ومعرض لخسارة روحه ونفسه.

• بصَّرتُ.. ونجَّمت كثيراً
  لكنّي.. لم أقرأ أبداً
  فنجاناً يشبهُ فنجانك

يقول الشاعر على لسان العرافة أنها قد بصرت كثيراً في الفنجان، وقرأت عن صراعات الشعوب وخلافاتها، ولكنها أبداً لم ترى قضية تشبه قضية الشعب الفلسطيني.

• لم أعرف أبداً يا ولدي..
  أحزاناً تشبهُ أحزانك
  لم أعرف أبدا أحزانا تشبه أحزانك.
  مقدُورُكَ.. أن تمشي أبداً
  في الحُبِّ .. على حدِّ الخنجر
  وتَظلَّ وحيداً كالأصداف
  وتظلَّ حزيناً كالصفصاف

لعله مقدر عليك أيها الشعب الفلسطيني أن تبقى محباً ومخلصاً لوطنك مهما كانت الظروف، تمضي وتسير في حياتك كما لو أتك تمشي فوق حد السكين، ومقدر عليك أن تبقى معزولاً كأصداف البحر، وتبقى حزينا تتمايل بين هنا وهناك كما يتمايل شجر الصفصاف.

• مقدوركَ أن تمضي أبداً..
  في بحرِ الحُبِّ بغيرِ قُلوع
  وتُحبُّ ملايينَ المَرَّاتِ…
  وترجعُ كالملكِ المخلوع..

لعله مقدر عليك أيها الشعب الفلسطيني أن تمشي في الحياة حاملاً في قلبك حب أرضك، ولن يستطيع أي بشر أن يقتلع هذا الحب من صدرك، وحبك لأرضك يتضاعف ويقوى كل يوم، ورغم صلابتك وقوتك وصمودك فإنك بطل مقهور.

الصور الفنية في قصيدة قارئة الفنجان

تتميز هذه القصيدة بأسلوبها الفني وكثرة الصور الفنية التي يستعملها الشاعر، ومن الصور الفنية التي أدرجها الشاعر في قصيدته قارئة الفنجان نذكر ما يأتي:

• جلست والخوف بعينيها: جعل الخوف مثل الشيء الذي يُوضع في العينين وهنا استعارة مكنية حيث حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
• فمها مرسوم كالعنقود: شبه فم المرأة التي يحبها بالعنقود وهو تشبيه مجمل حيث أبقى على المشبه والمشبه به وأداة التشبيه وحذف وجه الشبه.
• فنجانك دنيا مرعبة: شبه الأهوال التي تراها القارئة في فنجانه بالدنيا المرعبة، مبقيًا على المشبه وهو الفنجان والمشبه به وهو الدنيا المرعبة وحذف أداة التشبيه ووجه الشبه.
• ترجع كالملك المغلوب: تشبيه مجمل، أبقى على المشبه وهو لفظة ترجع التي تدل على المخاطب، والمشبه به وهو الملك المغلوب والكاف هي أداة التشبيه وحذف وجه الشبه.
• ضحكتها موسيقى وورود: تشبيه بليغ، حيث أبقى على المشبه وهو الضحكة والمشبه به وهو الموسيقى وحف أذاة التشبيه ووجه الشبه.
• تظل وحيداً كالأصداف: تشبيه تام الأركان، حيث أبقى على المشبه والمشبه به وأداة التشبيه ووجه الشبه.

كلمات قصيدة قارئة الفنجان ومعانيها

ما يميز كلمات قصيدة قارئة الفنجان أنها واضحة المعاني وسهلة الفهم ولا تحتاج إلى شرح كبير لفهمها، ولكن فيما يأتي سنعرض معنى أصعب كلمات هذه القصيدة:

• المعبود: هو الله عز وجل.
• العنقود: هو ما تراكم من ثمر، والمقصود هنا عنقود حبات العنب.
• مرصود: مراقب، ومحروس.
• حجرتها: غرفتها.
• يدنو: يقترب.
• ضفائرها: جمع ضفيرة وهي خُصَل من الشعر مجدولة في حزمة واحدة.
• بصرت: أي نظرت إلى الفنجان وقرأت ما فيه.
• نجمت: رأيت ما لم يره أحد وعرفت ما لم يعرفه أحد.
• مقدورك: قدرك المكتوب والمحتوم عليك.
• قلوع: الإقلاع عنه.
• الملك المخلوع: هو الملك الذي أبعد عن مملكته فليس له مملكة ولا أعوان.

قصيدة قارئة الفنجان pdf

قصيدة قارئة الفنجان هي واحدة من أشهر القصائد للشاعر الكبير نزار قباني، وقد غناها المطرب عبد الحليم حافظ في نيسان / أبريل 1976م، ولحنها الملحن محمد الموجي من مقام النهاوند مع اختلاف بسيط في بعض الكلمات والأبيات، ويبحث العديد من الأشخاص وخاصة الطلاب على شرح قصيدة قارئة الفنجان بصيغة pdf، ويمكن تحميل قصيدة قارئة الفنجان pdf مباشرة “من هنا“.

تحليل قصيدة قارئة الفنجان

فيما يأتي نعرض بعض النقاط التي تتضمن تحليلاً مبسطاً لقصيدة قارئة الفنجان:

• استخدم الشاعر في قارئة الفنجان مجموعة من الأفعال المتراوحة ما بين الفعل الماضي، والفعل الحاضر القريب من المستقبل، وهذا يدل على أن النص ممتد عبر الماضي والحاضر إلى المستقبل الذي تنبأت به العرافة، ومن هذه الأفعال: “جلست، تتأمل، قالت، ستموت”.
• استخدم الشاعر العديد من الجمل الاسمية مثل: “الحب عليك هو المكتوب، في بحر الحب بغير قلوع، مقدورك أن تمضي أبدًا، في الحب على حد الخنجر”، ويدل ذلك على حالة الثبات والرسوخ والثقة التي تتمتع بها العرافة أثناء تبصيرها في الفنجان.
•  استخدم الشاعر الكلمات المُعرفة بأل التعريف بكثرة في قصيدته بهدف التفخيم والتعظيم.
• القصيدة تحتوي على الكثير من المُشتقات مثل: “نائمة، ممطرة، مرعبة”، وهذا يُجدّد الصورة في القصيدة ويمنحها حيوية عالية.
• استخدام الشاعر الكثير من الكلمات المُضعفة للدلالة على التنجيم والخبرة والتأمل.
• استخدم الشاعر أسلوب الاستدراك والاستئناف في القصيدة على سبيل المثال قوله: “لا تحزن فالحب عليك هو المكتوب”، وذلك بهدف إيصال المعاني المتراكمة للمتلقي.

الأفكار الرئيسية في قصيدة قارئة الفنجان

الأفكار الرئيسية في قصيدة قارئة الفنجان تفسر في بُعدين مختلفين هما:

• البعد الأول للقصيدة وهو البعد الذاتي وهو احتمال ضعيف؛ إذ إنّ عرافة قارئة للفنجان تُخبر رجلاً عن مستقبله وما سيقاسيه في محطات حياته وما الذي سيُعانيه من الحب والهوى أثناء بحثه عن حبيبته، ولكنّ شعر التفعلية هو شعر بعيد عن الذاتية.
• البُعد الثاني للقصيدة أو المعنى القريب الذي أراده الشاعر نزار قباني، فهو أنّ العرافة تمثل الضمير العربي، والرجل هو القضية الفلسطينية، أو الشعب الفلسطيني، الذي سلبت أرضه والمرأة المحبوبة هي فلسطين.
• المشاعر التي عبر عنها الشاعر في القصيدة هي مشاعر الخوف والقلق الذي يُعاني منه الشعب الفلسطيني، مثل قوله: “جلست والخوف بعينيها” أي إنّ الخوف دائمًا ما يُساورهم ويعتلي عيونهم.
• وصف الشاعر المرأة المحبوبة الجميلة بصفات الكمال وما هي إلا صفات فلسطين الوطن الجميل.
• دمج الشاعر ما بين الخاص والعام معًا، الخاص وهو الحب، أمّا العام فهو فلسطين (الوطن).
• سخَّر الشاعر معانيه في القصيدة لتكون خالدة على مر العصور، وتُسطر ما يعانيه الشعب الفلسطيني في كل آن، وهذا ما ميّز شعر نزار قباني.

مقالات قد تهمك

وبهذه المعلومات نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا الذي تحدث عن شرح قصيدة قارئة الفنجان والصور الفنية فيها، ومن هو كاتب هذه القصيدة الشاعر نزار قباني، وعرض كلمات قصيدة قارئة الفنجان مع شرح لأهم معاني مفرداتها، وقدم قصيدة قارئة الفنجان pdf، وكما تطرق المقال إلى بيان الصور الفنية في قصيدة قارئة الفنجان، مع تحليل القصيدة وعرض أهم الأفكار الرئيسية فيها.