عناصر المقال
صحة حديث بسم الله تربة ارضنا إنّ الحديث الصحيح هو ما اتفق على صحته كافة المحدثين بأنه متصل السند مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بنقل الضابط العدل عن مثله من أول السند وأوسطه إلى آخره من غير علة أو شذوذ، وفي حال عدم توفر بعض هذه الشروط أو أحدها؛ فإن ذلك لا يكون صحيحًا بل يختلف المحدثون على حكمه، وذلك باتفاق علمائهم، وفيما يأتي سيتم بيان صحة بعض الأحاديث ومن ضمنها حديث علاج الإنسان بالتراب كما ورد في السنة النبوية الشريفة، بالإضافة إلى بعض الأحاديث الصحيحة التي وردت في السنة النبوية الشريفة والتي يمكن للراقي الاستعانة بها أثناء الرقية الشرعية.
صحة حديث بسم الله تربة ارضنا
إن صحة حديث بسم الله تربة ارضنا ثابة ولا سيّما في كتب المحدثين الصحاح، ممّا يعني أنه من الأحاديث التي ثبتت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو من الصحيحة التي نقلت بالسند من الرسول إلينا، وقد صححه البخاري في كتابه وورد في ذلك العديد من الروايات ومن ضمنها رواية عن عائشة رضي الله عنها حيث قالت: “أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ يقولُ لِلْمَرِيضِ: باسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أرْضِنَا، برِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بإذْنِ رَبِّنَا”،[1] وقد أكد أيضًا ابن حبان في في صحيحة على صحة هذا الحديث واتصاله سندًا مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- حيث يذكر هذا الأحاديث كافة الرقى الشرعية التي كان أيضًا يستخدمها الرسول مع كافة المرضى، بالإضافة إلى الاستعانة بهذا الدعاء من قبل الصحابة رضي الله عنهم جميعًا.[2]
شاهد أيضًا: حديث عن الصبر قصير
نص حديث بسم الله تربة ارضنا بريقة بعضنا
فيما يأتي نص حديث تربة ارضنا بريقة بعضنا:
كان من دعاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمريض: “بسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أرْضِنَا، برِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بإذْنِ رَبِّنَا”.[1]
ما الحكمة من قول بسم الله تربة أرضنا للشفاء من المرض
بعد أن تعرّفنا صحة حديث بسم الله تربة ارضنا فمن الجدير بالذكر أن الرقية الشرعية يجب أن تستوفي كافة الشروط لكي تكون مشروعة ومقبولة عند الله سبحانه وتعالى، حيث يجب أن تكون بالطرق المشروعة؛ أي أن تكون من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأدعية السلف والصحابة رضي الله عنهم، والأدعية التي لا يكون فيها غموضًا أو شيئًا غير مفهوم، على أن تكون واضحة وجائزة في الشريعة الإسلامية، ولا يوجد فيها أي مخالفة للقرآن الكريم ومصادر التشريع كافة، وعلى الراقي أن يعلق آثار هذا الدعاء وما يترتب عليه من إجابة بالله -عز وجل- وأن يكون بعلمه أن الرقية هي مجرد سبب للشفاء ولكن القدر هو من الله سبحانه وتعالى أي أن الرقية ليست للشفاء بذاتها، ممّا يعني أن الله تعالى هو فقط الشافي، والرقية سبب فقط.
يجب على الراقي أن يجعل الدعاء والقرآن الكريم سبب لدفع هذا الشقاء والشفاء من الكرب والأمراض، حيث يجب أن يعلق قلبه بالله تعالى، وأن يوحده توحيدًا كاملاً أنه هو الشافي فقط، بالإضافة إلى الأذكار التي يستعين بها الراقي من القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة فهي مجرد أسباب كما ذكرنا، ويجب على الراقي أن يكون عنده تفاؤلاً ويقينًا وحسن ظن بالله تعالى، على أنه هو الشافي دون غيره ويجب أن يتفقه الراقي بالأحكام الشرعية المختصة بالرقية الشرعية، وأما بالنسبة للحديث الشريف وكما ورد به من ربط الريق بتربة الأرض ووضع الأصبع فهو من الأمور الغيبية التي لم يرد فيها نص صريح يوضح الحكمة والعلة من ذلك.[3]
ولا شك في أن كل أمر كان يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- هو وحي من السماء أي من الله -سبحانه وتعالى- وليس من فعله واختياره شيء، أي ليس من الضلال أو الهوى وقد اجتهد بعض العلماء في تأويل الفعل الوارد في هذا الحديث الشريف بأن التربة هي أصل خلق الإنسان، ومن الأدلة على ذلك أن آدم -عليه السلام- قد خلق ابتداء من التراب وذلك واضح في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وأن الريق أو اللعاب هو جزء صغير من الإنسان، أي قد يشبه بالنطفة التي خلق منها، وإن الراقي الذي يستعين بالذكر الوارد في السنة النبوية الشريفة يُقال فقط بهدف شفاء الإنسان مما يعني أنه مجرد سبب كما ذكرنا فيما سبق.[3]
ما صحة التداوي بالريق والتراب
أدرجنا في بداية المقال صحة حديث بسم الله تربة ارضنا، وإن الحديث السابق ورد فيه أحد السبل التي كان الرسول عليه الصلاة والسلام يستعين بها في شفاء المريض من الجروح والآلام والقروح، فإذا كان يعاني من المرض الشديد ولا سيّما الجروح والخدوش فقد كان المؤمن وأولهم النبي الكريم يستخدم هذا الدعاء مرارًا وتكرارًا وبقية الأذكار التي وردت في السنة النبوية الشريفة والتي يستخدمها الراقي في العلاج بنفس الطريقة التي بينها الرسول عليه الصلاة والسلام ولا سيّما الواردة في الحديث أي من خلال التراب والريق وبنفس الخطوات، بالإضافة إلى ما ورد عنه -عليه السلام- بأنه أمر أن يخرج المادة الرديئة من مكان الجروح والورم من خلال شقها، حيث لم يرد أي حكم يدل على تحريم ذلك بالإضافة إلى العمل على علاج هذه القروح، أي الأخذ بالأسباب من الناحية الطبية متوكلاً على الله -سبحانه وتعالى- والله تعالى أعلم وأحكم.[4]
شاهد أيضًا: حديث يدل على محبه الرسول صلى الله عليه وسلم للانصار
شرح حديث بسم الله تربة أرضنا
هنالك العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي ورد فيها كيفية الرقية الشرعية، ولا سيّما التي كان يستعين بها النبي الكريم، وأما بالنسبة للطريقة التي كان بها في هذا الحديث على وجه الخصوص حيث كان يبل النبي الكريم مقدمة سبابته بلعابه ثم يضعها على التراب فوق الأرض ومن ثم يضع سبابته على الجرح أو مكان الألم والقرحة، وكان بإذن الله يشفى هذا المريض مع الدعاء له بالشفاء وكل ذلك بأمر من الله تبارك وتعالى مع الأخذ بالأسباب.[4]
دعاء الشفاء بسم الله تربة أرضنا
ذكرنا سابقًا أن درجة صحة حديث بسم الله تربة ارضنا من الأحاديث الثابتة عن الرسول -عليه السلام- ونصه هو: “بسْمِ اللَّهِ، تُرْبَةُ أرْضِنَا، برِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بإذْنِ رَبِّنَا”،[1] وفيما يأتي بيان بعض الأحاديث المختلفة التي يمكن للراقي أن يستعين بها للشفاء من الأمراض:
- “باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِن كُلِّ شيءٍ يُؤْذِيكَ، مِن شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ، أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ”.[5]
- “باسْمِ اللهِ يُبْرِيكَ، وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إذَا حَسَدَ، وَشَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ”.[6]
- “أذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا”.[7]
- “أعوذُ بكلماتِ اللهِ التَّامَّاتِ من غضبِه وعقابِه وشرِّ عبادِه ومن همزاتِ الشَّياطين وأنْ يحضرون”.[8]
شاهد أيضًا: حديث عن التسامح مع الآخرين
تجارب العلاج بالتراب
ورد عن بعض الرقاة أنهم عند استخدامهم طريقة العلاج بالتراب فإنّ الجرح يشفى بسرعة كبيرة، وذلك لخصوبة التربة وطراوتها فهي من العلاجات اللطيفة التي اختلفت عن باقي الأدوية، فمن الجدير بالذكر أن طبيعة التراب تكون باردة ومجففة ويابسة، مما يعني أنها ملائمة لرطوبة الجروح والقروح والتي تمنع الجراثيم وتخللها والدخول إليها ومن ثم التهاب هذا الجرح، وإنّ المناطق التي ترتفع فيها درجات الحرارة فإن الجروح والقروح تكون عرضة أكبر للالتهابات وزيادة الأمر سوءًا بسبب مزاج الأجواء الحارة، مما يعني اجتماع الجراثيم والبكتريا داخل هذه الجروح، لذلك كانت ترابًا من الأمور العلاجية التي يفشل فيها هذا الجرح ويجفف ويمنع من سيلان الدم مع الاستعانة بالأدعية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية والله تعالى أعلم وأحكم.[9]
صحة حديث بسم الله تربة ارضنا بيناه فيما سبق وتبين أنه من الأحاديث النبوية الصحيحة الثابتة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سندًا ومتنًا، وقد دل على ذلك رواية أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقد بينا أيضًا الحكمة من قول هذا الحديث الشريف والاستعانة به للشفاء من الأمراض والجروح، بالإضافة إلى العديد من الأدعية التي يمكن للراقي أن يستعين بها أثناء العلاج.
المراجع
- ^ صحيح البخاري , عائشة أم المؤمنين، البخاري، 5745، صحيح.
- ^ dorar.net، شروح الأحاديث، 01/11/2022
- ^ al-maktaba.org، الرقية الشرعية، 01/11/2022
- ^ islamweb.net، رقية من به ورم كرقية سائر الأمراض، 01/11/2022
- ^ صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، مسلم، 2186، صحيح.
- ^ صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، البخاري، 2185، صحيح.
- ^ صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، البخاري، 5675، صحيح.
- ^ الترغيب والترهيب، عن جد عمرو، المنذري، 376، إسناده صحيح.
- ^ al-eman.com، استعمال التربة للرقية، 01/11/2022
التعليقات