حكم الافطار في صيام القضاء ابن باز

حكم الافطار في صيام القضاء ابن باز
حكم الافطار في صيام القضاء ابن باز

حكم الافطار في صيام القضاء ابن باز وهو من الأحكام الشرعية المهمة التي ينبغي على كلّ مسلم ومسلمة الاطلاعٍ عليها وعلى رأي الشريعة الإسلامية فيه، فالصيام ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة، ولا يكتمل إسلام الشخص من غيره، وعلى كل مسلم يفطر في رمضان بعذر أو بغير عذر أن يقضي ما أفطره بعد رمضان بأسرع وقت، وعدم التّأجيل والتّسويف فالصّيام لا يسقط عن المسلم وهو حقٌّ من حقوق الله، ومن هذه المعطيات سوف يتم بيان حكم قضاء الصيام، بالإضافة إلى حكم الإفطار في صيام القضاء ابن باز.

حكم قضاء الصيام

يعتبر الصيام ركنًا من أركان الإسلام الخمس، فقد فرضه الله -عزّ وجل- على عباده المسلمين في شهر رمضان المبارك،بدليل قول الله -جل جلاله- في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[1]، ويجدر بالذّكر أنه لا يجوز الفطر فيه إلا بعذرٍ شرعي، كالمرض الشديد والسفر والحيض والنفاس، ولكن بعد الفطر في رمضان فإنّه يجب على من أفطر في رمضان بعذر شرعي أو بغير عذرٍ شرعي فإنّه من واجبه قضاء اليوم الذي أفطر ولا يسقط عنه مطلقًا، ومن الأفضل أن يبادر المسلم في قضاء صيام رمضان وعدم تأخيره لرمضان آخر، حيثُ إنّ الصيام حقٌ لله -تعالى- وينبغي للمسلم أن يسارع في تأديته.[2]

حكم الافطار في صيام القضاء ابن باز

بيّن الشيخ ابن باز -رحمه الله- أنّه لا يجوز الإفطار بصيام القضاء دون عذر، فصوم القضاء كصوم رمضان واجبٌ لا يجوز قطعه، وينبغي في هذه الحالة المبادرة إلى التوبة والإكثار من الاستغفار وقضاء اليوم، كما سُئل الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى- عن صيام القضاء إن شرع فيه المسلم ولم يتمّه لأنّه أحس بالجوع وأفطر على أن يصوم في اليوم التالي، فأجاب بقوله:[3]

“لا يجوز لك الإفطار لإحساس بالجوع، بل عليك الصبر حتى تغيب الشمس؛ لأن قضاء رمضان فرض لا يجوز التساهل فيه، وإذا جاع الإنسان وهو صائم في الفرض، أو ظمئ؛ يتصبر، ويتحمل حتى يكمل، إلا إذا خشي الموت، أو مرضًا شديدًا يعلم أنه يترتب على هذا الشيء هذا عذر له في إفطاره، ثم إمساكه، يأخذ ما يزيل الخطر، ثم يمسك إلى الغروب، أما مجرد الجوع، أو مجرد الظمأ الذي ليس معه خطر؛ فهذا لا يسوغ الإفطار في الفريضة، لا في رمضان، ولا في قضاء رمضان، ولا في النذور في صيام المنذورة، ولا في الكفارات، بل يجب الإمساك والصبر حتى تغيب الشمس، وعليك التوبة إلى الله والاستغفار وقضاء اليوم”.

شاهد أيضًا: هل يجوز الصيام عن شخص آخر حي

حكم الإفطار في صيام القضاء بعذر

لا يجوز للمسلم الإفطار في صيام القضاء إلا بعذرٍ شرعي، فلو أفطر المسلم في صيام القضاء بعذر وجب عليه قضاء اليوم ذاته، فقد اتفق فقهاء المذاهب الفقهية الأربعة على وجوب إتمام الصيام إذا ابتدئ فيه، وأجازوا الإفطار لوجود عذر شرعي فقط، فقد ذهبوا الحنابلة والحنفية إلى إنّ المسلم الذي يُفطر في الصِّيام الواجب بعُذرٍ يلزمه القضاء، ولا يترتب على ذلك إثم فهو معذور، والشافعية قالوا بجواز الفِطْر في الصيام الواجب لِمَن كان مريضاً، وقيّدوا ذلك بالمرض الذي يُبيح التيمُّم للمسلم، أما المالكيّة فقد قالوا أنَّ من أفطر في صيام الواجب بِعُذرٍ ثُمّ زال خلال اليوم أي قبل المغرب، فلا يُستحَبّ له أن يُمسك باقي اليوم، أما إن كان بغير عذئ يتوجب عليه الإمساك بقية اليوم.[4]

شاهد أيضًا: هل يجوز الصيام على جنابة حتى المغرب

هل يجوز الإفطار في صيام القضاء بدون عذر

منّ الواجب على من شرع في صومٍ واجب كقضاء شهر رمضان أو صوم الكفارة أن يتمّ الصوم ولا يفطر فيه، فلو أفطر فيه بغير عذرٍ فإنّه يلزمه التوبة إلى الله -تعالى- والاستغفار والقضاء، فهو في هذه الحالة يكون أثم لأنه قطع عبادة واجبة، ولا يجوز له أن يفطر بغير عذرٍ شرعيٍ مطلقًا، والأعذار الشرعية التي تبيح للمسلم أن يفطر في صوم الواجب هي المرض الشديد والسفر مدة القصر في الصلاة والحيض والنفاس والحمل والإرضاع، فذكر ابن قدامة في -رحمه الله- في المغني: “وَمِنْ دَخَلَ فِي وَاجِبٍ , كَقَضَاءِ رَمَضَان , أَوْ نَذْرٍ ، أَوْ صِيَامِ كَفَّارَةٍ ; لَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ , وَلَيْسَ فِي هَذَا خِلافٌ بِحَمْدِ اللَّهِ”، فالواجب إكمال الصيام ولا يجوز الإفطار إذا كان الصوم صوم فريضة والله أعلم.[5]

حكم الإفطار في صيام القضاء بالجماع

لا يجوز للمسلم أن يفطر في صيام القضاء بالجماع، حيثُ إنّ قضاء رمضان من الصوم الواجب الذي لا يجوز للمسلم أن يبطله إلا للضرورة، فلو دخل الإنسان في قضاء فإنّه يلزمه أن يكمله ولا يجوز له الفطر إلا لعذرٍ شرعي، فقد بيّن أهل العلم أنّ المسلم إذا أفطر في صوم القضاء يأثم، أما لو حصل وأفسد الرَّجل صيام القضاء مع زوجته بالجماع فإنّه لا تجب عليه كفارة الجماع، لأنّ الكفارة لا تجب إلا في الجماع في نهار رمضان، ولا يلزمه شيئًا في صوم القضاء إلا التّوبة والاستغفار، والعزم على عدم العودة لمثل هذا الأمر[6]، وقد اتفق أهل العلم على أن الفطر عمدًا في قضاء رمضان بالجماع لا كفارة له لأن ليس له حرمة زمان الأداء، وقد ورد عن النووي قوله في المجموع: “لَوْ جَامَعَ فِي صَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ مِنْ قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلا كَفَّارَةَ ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ , وَقَالَ قَتَادَةُ : تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي إفْسَادِ قَضَاءِ رَمَضَانَ”، والله ورسوله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز الصيام عن الميت إذا كان عليه قضاء

هل يجوز للمرأه أن تقطع صيام القضاء

لا يجوز للمرأة المسلمة أن تقطع صوم القضاء إلا لعذرٍ شرعي، حيثُ إنّ قضاء الصيام واجب على كلّ مسلم، فلو دخل المسلم في صيام قضاء يلزمه أن يتمّه، فإذا أفطرت المسلمة وقطعت صيام القضاء بعذر وجب عليها قضاء اليوم ذاته وليس عليه كفارة[7]، فقد قال ابن رشد: “واتفق الجمهور : على أنه ليس في الفطر عمدا في قضاء رمضان كفارة لأنه ليس له حرمة زمان الأداء أعني: رمضان”، ولكن إذا أفطرت من صيام القضاء بغير عذر فعليها التوبة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، ويجدر بالذِّكر أنّ صيام القضاء ليس كصوم النفل، فالمتطوع أمير نفسه فقد ورد في الصحيح عن أم هانئ -رضي الله عنها- أنها قالت: “لمَّا كانَ يومُ الفتحِ فتحُ مكةَ جاءتْ فاطمةُ فجلستْ عن يسارِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ وأمُّ هانئٍ عنْ يمينِه قالتْ فجاءتْ الوليدةُ بإناءِ فيهِ شرابٌ فناولتُهُ فشربَ منه ثمَّ ناولَه أمَّ هانئٍ فشربتْ منهُ فقالتْ يا رسولَ اللهِ لقدْ أفطرتُ وكنتُ صائمةً فقال لها أكنتِ تقضينَ شيئًا قالتْ لا قالَ فلا يضرُّكِ إنْ كانَ تطوعًا”[8].

حكم الإفطار في صيام التطوع

تختلف أقوال أهل العلم في حكم الإفطار في صيام التّطوع، وقد فصّلوا في صيام التّطوع على النّحو الآتي:[9]

  • الحنفيّة: فقد ذهبوا إلى وجوب الالتزام بصيام التّطوع والمحافظة عليه وإتمامه، وهذا الأمر ينطبق على أنواع الصيام كلّها، واستدلّوا بقوله -تعالى- في سورة البقرة: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}[10]، ويمكن للمتطوع أن يُفطر فقط في حال وجود عذرٍ شرعي.
  • الشافعيَّة: يرون أن الإفطار في صيام التطوع جائز مع الكراهة، واستدلوا بقول النّبي -صلى الله عليه وسلم- حين قال: “الصائمُ المتطوعُ أميرُ نفسهِ إن شاءَ صامَ وإن شاءَ أفطرَ”[11].
  • المالكية: أخذوا بقول أنّه لا يجوز للمسلم أن يفسد صيام التّطوع، إلا في حال العذر الشرعي الذي يقضي له الفطر.
  • الحنابلة: قالوا أنه يجوز للمسلم المتطوّع في الصيام أن يفسد صومه والخروج منه ولا حرج عليه ولا إثم في ذلك، وقد استدلوا بما جاء أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: “دَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ فَقالَ: هلْ عِنْدَكُمْ شيءٌ؟ فَقُلْنَا: لَا، قالَ: فإنِّي إذَنْ صَائِمٌ ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَقالَ: أَرِينِيهِ، فَلقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فأكَلَ”[12].

شاهد أيضًا: هل يجوز الجمع بين نية القضاء ونية صيام العشر من ذي الحجة

حكم من نوى صيام القضاء ثم أفطر

إنّ الذي يصوم صيام قضاء لا يصح له أن يفطر من صيامه إلا بعذر شرعي، فلا يجوز أن ينوي المسلم صيام القضاء ثمّ يفطر، فهو في هذه الحالة يكسب إثمًا وعليه المبادرة في التوبة إلى الله، فإذا كان الصائم قد نوى قضاء صيام واجب عليه كقضاء رمضان ومن ثم استيقظ بعد الفجر فقد وجب عليه الصيام ولم يجز له بذلك الفطر؛ لأن الصائم قد دخل في صوم واجب عليه ولم يجز إفساده، فقد قال ابن قدامة رحمه الله- في ذلك: “وَمِنْ دَخَلَ فِي وَاجِبٍ، كَقَضَاءِ رَمَضَان, أَوْ نَذْرٍ، أَوْ صِيَامِ كَفَّارَةٍ، لَمْ يَجُزْ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ, وَلَيْسَ فِي هَذَا خِلافٌ بِحَمْدِ اللَّهِ”، والله أعلم.[13]

وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال حكم الافطار في صيام القضاء ابن باز، والذي سلّط الضّوء على حكم قضاء الصّيام، وبيّن الإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح، كما تمّ بيان عدّة أحكام شرعية بخصوص صيام القضاء مثل حكمها الإفطار فيه بعذر أو غير عذر، وحكم الإفطار في صيام القضاء بالجماع، وأيضًا حكم الإفطار في صيام التطوع، ونختم المقال بذكر حكم من نوى صيام القضاء ثم أفطر.

أسئلة شائعة

أسئلة شائعة
هل يجوز التصدق بدل صيام القضاء للحائض ابن باز؟
بيّن الشبخ ابن باز - رحمه الله- أنه من الواجب على من أفطرت في رمضان من أجل النفاس أو الحيض القضاء قبل أن يأتي رمضان الآخر، والأحوط أن تبادر بالقضاء قبل رمضان، ولكن إذا أخرته عن رمضان وجب عليها التوبة والقضاء وإطعام مسكين عن كل يوم.
هل يجوز صيام يوم السبت بنية القضاء؟
ذهب جمهور العلماء إلى أنّ صيام يوم السبت جائز بنية القضاء وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة، إلا أنّه يُكره إفراد السبت في الصيام في التطوع ويستثنى من ذلك صوم القضاء والنذر ونحو ذلك.
ماذا تفعل اذا نسيت كم يوم قضاء على؟
من كان عليها قضاء أيام من رمضان ونسيت عددها فإنها تصوم ما يغلب على ظنها، وإن لم يكفي الوقت لاقتراب شهر رمضان فإنها تقضي هذه الأيام ثم تكمل ما بقي بعده، ويجدر بالذّكر إذا كان تأخيرها للقضاء بدون عذر ينبغي عليها أن تطعم مع كل يوم أخرته مسكيناً.
من كان عليه قضاء ودخل رمضان؟
بيّن أهل العلم أنه يتوجب على المسلم المبادرة لقضاء الصيام قبل دخول رمضان، وإن لم يقضِ ودخل رمضان يطعم عن كل يوم مسكينا مع القضاء، أما إذا كان جاهلا بحرمة التأخير، فإنه يلزمه القضاء فقط، ولا تلزمه كفارة.

المراجع

  1. ^ سورة البقرة، الآية 183
  2. ^ islamqa.info، قضاء رمضان وما فيه من أحكام، 06/03/2023
  3. ^ binbaz.org.sa، حكم الإفطار في صوم القضاء، 06/03/2023
  4. ^ alukah.net، مسائل متعلقة بقضاء الصيام، 06/03/2023
  5. ^ islamweb.net، حكم الفطر في صوم القضاء ، بلا عذر، 06/03/2023
  6. ^ islamqa.info، هل تجب الكفارة بالجماع في قضاء رمضان ؟، 06/03/2023
  7. ^ fiqh.islamonline.net، الإفطار أثناء صيام القضاء، 06/03/2023
  8. ^ صحيح أبي داود ، فاختة بنت أم هان، الألباني، 2456، صحيح.
  9. ^ islamweb.net، مذاهب العلماء في إفساد صوم التطوع، 06/03/2023
  10. ^ سورة البقرة ، الآية 187
  11. ^ المجموع ، فاختة بنت أبي طالب أم هانئ، النووي، 6/395، إسناده جيد.
  12. ^ صحيح مسلم ، عائشة أم المؤمنين، مسلم، 1154، صحيح.
  13. ^ islamweb.net، حكم من ترك الصيام بعد نيته من الليل لأنه لم يستيقظ إلا الفجر ولم يتسحر، 06/03/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *