حكم المؤخر عند الطلاق قبل الدخول

حكم المؤخر عند الطلاق قبل الدخول
حكم المؤخر عند الطلاق قبل الدخول

حكم المؤخر عند الطلاق قبل الدخول هو من الأحكام الشرعية المتعلقة بالمهر الذي يتم تحديده وتسميته عند عقد الزواج، فالمهر المقدم والمؤخر من الأمور المشروعة التي شرعها الإسلام إكرامًا للمرأة وضمانًا لحقوقها، فهو من الأمور التي تحفظ الحقوق الزوجية وتضمن استمرارية الزواج وتحقيق مقاصده السليمة، ومن خلال هذا المقال سيتم بيان ما تستحقه الزوجة المطلقة التي تم طلاقها قبل الدخول بها وحكم المهر المسمى لها.

مفهوم المهر في الإسلام

إن المهر هو المال الذي يتم تسميته في عقد الزواج بين الرجل والمرأة ويجب من الزوج لزوجته بالتسمية أو العقد، وللمهر أسماء كثيرة كالصداق والصدقة والأجر والنِحلة والحباء والطول وغيرها، وقد ورد في مشروعيته الكثير من الأدلة الشرعية في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة، فقد قال تعالى في محكم تنزيله: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ}.[1] وقد جاء في حديث أنس -رضي الله عنه- أنه قال: “أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رأى عبد الرحمن بن عوف وعليه ردع زعفران فقال النبي صلى الله عليه وسلم مهيم فقال يا رسول اللهِ تزوجت امرأة قال ما أصدقتها قال وزن نواة من ذهب قال أولم ولو بشاة”.[2] والله ورسوله أعلم.[3]

شاهد أيضًاكيف أعرف أن الطلاق خير لي ، نصائح للزوجة التي تريد الطلاق

حكم المؤخر عند الطلاق قبل الدخول

ذكر أهل العلم أنه بمجرد أن يعقد عقد النكاح ولو وقع الطلاق بين الرجل وزوجته قبل الدخول فإن لها نصف المهر المسمى، أي ما يعرف اليوم بالمقدم، أما النصف الآخر وهو المؤخر فلا حق لها فيه، إلا بشرط أن يكون قد حصل جماع بينهما أو وقعت خلوةٌ شرعية كاملة صحيحة، وقد قال تعالى في كتابه العزيز: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.[4] أما إن خلا الرجل بزوجته بعد العقد حتى لو لم يحدث دخول بها فلها كل المهر المسمى المقدم والمؤخر، وقد ورد عن ابن قدامة قوله في الكافي: “قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق بابًا أو أرخى سترًا، فقد وجب المهر، ووجبت العدة، وهذه قضايا اشتهرت، فلم تنكر فكانت إجماعًا” والله ورسوله أعلم.[5]

طلقها قبل الدخول وقد أعطاها نقودا وشبكة وهدايا وكتب مؤخرا فما الذي له

إن وقع خلاف بين الرجل وزوجته التي عقد عليها عقدًا شرعيًا صحيحًا كاملًا وطلّقها قبل الدخول بها، وسمّى لها مهرًا مع العقد فإن الشريعة الإسلامية تقضي بأن تأخذ نصف ما سمّي لها من المهر، وله نصف ما سمي فيه، والمهر هو ما يعرف بكل مجموع ما تم دفعه من كل شيء من المال النقدي أو الذهب أو الشبكة كما هو متعارف عليه والمؤخر والمقدم، فعلى الزوجة لو أنها قبضت هذه الأموال أن تعيد نصفها إلى الرجل، أو أن تعيدها كلها إحسانًا منها له أو يسامحها الرجل بها كلها، أما ما يكون من هدايا يمنحها الرجل للزوجة فيجوز أن يطالب الرجل بها لانعدام الغرض الذي بذلت من أجله وهو الزواج، لذلك يباح يجوز للرجل أن يرجع بها، إلا أن أصحاب المذهب المالكي يقولون أنه لا يجوز التراجع عن الهبة لا قبل القبض ولا بعده في أي حالٍ من الأحوال والله ورسوله أعلم.[6]

شاهد أيضًا: نصيحة للزوجة التي تطلب الطلاق ، متى يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق

مستحقات الزوجة المطلقة قبل الدخول من القائمة

إن المرأة في حال طلاقها بعد العقد وقبل الدخول فإنها تستحق المهر المسمى لها، لكنها لا تستحقه كله إنما لها نصفه وللرجل نصفه، فلو تم تعيين مقدمٍ تقبضه المرأة وبقدره مؤخر غير مقبوض، فإن ما قبضته المرأة من المقدم هو ما تستحقه، وفي العرف السائد في الكثير من بلاد المسلمين فكل ما تناله الزوجة من هدايا وحلي وجواهر ونحو ذلك يعد من المهر، فكل ذلك يقسم إلى نصفين اثنين متساويين، أحدهما تناله الزوجة المطلقة والآخر يكون من حق الرجل، وكل ذلك إذا لم يقع الدخول بالمرأة ولم تحصل خلوة شرعية كاملة، فلو حصلت فللمرأة كل مهرها شرعًا حتى لو كانت الخلوة من غير دخول والله ورسوله أعلم.[7]

ما تستحقه المطلقة قبل الدخول بها إسلام ويب

ورد في موقع إسلام ويب أنّه لا حرج على الرجل أن يطلق زوجته التي كتب أو عقد عليها عقدًا شرعيًا صحيحًا ولو لم يدخل بها، وفي هذا الطلاق لا عدة شرعية للمطلقة، وقد قال تعالى في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلً}.[8] وتنال المرأة المهر بمجرد العقد عليها فلو دخل بها ثم طلقها فلها المهر كله ولا يحق له أن يطالبها بشيءٍ منه، أما لو طلقها ولم يدخل بها فلها نصف المهر الذي تم الاتفاق عليه، سواءً كان المقدم منه أو المؤخر، وقد استحبت الشريعة الإسلامية أن يقوم أحد الزوجين بالتنازل للآخر عن المهر والصداق من باب الإحسان، كما أن الخلوة الشرعية الصحيحة تنال حكم الدخول، ومع الدخول أو الخلوة لها المهر كله وعليها العدة ولها النفقة من لحظة الدخول أو الخلوة إلى نهاية العدة، أما لو لم يدخل بها فلا نفقة ولا عدة لها والله ورسوله أعلم.[9]

شاهد أيضًا: أسباب تجعل المرأة تطلب الطلاق شرعاً

حكم اشتراط المهر المؤخر عند الطلاق

أخبر أهل العلم أنه يجوز للمسلمين أن يتفقوا على اشتراط دفع المهر المؤخر عند الطلاق، فيكون الاتفاق بين الزوج وبين ولي المرأة، وقد جرت العادة والعرف في الكثير من الدول الإسلامية على أن يكون المهر بعضه مدفوع مقدمًا وبعضه مدفوع مؤخرًا، ويكتب ذلك ويحدد في عقد الزواج، ويكون المؤخر اتفاقًا بأن يدفع في وقت الطلاق لو وقع أو في وقت الوفاة لو وقعت للزوج، وللمسلمين حرية الاتفاق والاشتراط، وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن المسلمين على شروطهم، ما دامت الشروط تلك لم تحرم الحلال أو تحلل الحرام، وفي الشريعة الإسلامية يمكن للعرف أن يكون محل الشرط، فلو كان دفع المؤخر في العرف عند الطلاق سائدًا في مجتمع ما فلا حرج بذلك، ولا حرج على الزوج الاشتراط أو ولي المرأة أن يشترط بقيمة المهر ووقت دفعه والله ورسوله أعلم.[10]

شاهد أيضًا: حقوق الزوجة الناشز بعد الطلاق

الوقت الذي يدفع فيه مؤخر الصداق شرعا

لم يحدد شرعًا الوقت الذي يدفع فيه مؤخر الصداق أو المهر للمرأة، فيباح تعجيله ويباح تأخيره، ولو عجل ببعضه و أخر بعضه فلا حرج عليه، وإن للزوجة الصداق كله مقدمه ومؤخره في حال دخل بها أو خلا بها خلوة شرعية كاملة صحيحة، ويكون المؤجل من المهر دينًا في ذمة الرجل، وعلى الرجل أن يعطيها إياه فهو حق من حقوقها عليه، والمهر على ما تم الاشتراط عليه وكتب في العقد وتمت تسميته، ولو تم تحديد موعد وأجل المهر فإنه يجب عليه أن يدفعه في أجله المحدد وأن لا يقوم بمماطلة زوجته به، ولو لم يتم تحديد موعد المهر فإن الفرقة تكون موعده إما بطلاق أو موت الزوج، فمن حق الزوجة جين وفاة زوجها أن تنال صداقها من تركته، وقد استدل أهل العلم في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّى الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ}.[11] وعلى المرأة أن تراعي حال زوجها من اليسر والعسر، وعلى الرجل أن يراعي حق المرأة في مهرها الذي استحل به فرجها فيوفه كاملًا من دون نقص.[12]

شاهد أيضًاهل يجوز الطلاق في الحيض

قيمة المهر في الإسلام

بعد بيان حكم المؤخر عند الطلاق قبل الدخول لا بدّ من بيان قيمة المهر في الإسلام، حيث لم يحدد الإسلام قيمة المهر في الزواج مطلقًا، وإنما يكون المهر بما اتفق عليه الزوجان عند عقد الزواج أو الزوج وولي الزوجة، وقد قال تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً}.[13] فما تم الاتفاق عليه عند العقد من مقدم المهر والصداق والمؤخر وقائمة العفش وغيره من الذهب والحلي كله من المهر الواجب على الزوج أن يؤديه، والسنة في الإسلام والمستحب أن يتم التخفيف في المهر والتيسير في الصداق، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن خير النكاح أيسره، وخير الصداق أيسره، فالمستحب أن يتم التخفيف في المهر حتى يحصل المقصد الشرعي من الحث على الزواج والتشجيع عليه، وتيسير السبل إليه، كما أن التخفيف في المهر من الأمور التي لا تسمح بإرهاق كاهل الرجال في مقتبل العمر بالديون، كما أنه يحقق المقصد من إكرام المرأة وضمان حقها وعدم التساهل في الطلاق، ويُرد تحديد قيمة المهر إلى الإعسار والإيسار فمن كان ميسرًا فيدفع ومن كان معسرًا فيُرحم ويُخفف عنه، فالتخفيف في المهر تيسيرًا وترغيبُا وإعفافًا للرجال والنساء والله ورسوله أعلم.[14]

شاهد أيضًاكفارة حلف الطلاق عند الغضب ، ما هو حكم يمين الطلاق بالثلاثة

حكم التيسير أوالغلو في المهر

إن حكم التيسير في المهور والصداق هو الاستحباب لأن من السنة أن ييسر المسلمون في المهور تيسيرًا للزواج والنكاح وإعفافًا للرجال والنساء، ولا يخفى على أحد لما في غلاء المهر من مفسد وضرر وأهمها انتشار العنوسة بين الرجال والنساء أو إثقال الرجال بالديون، أو أن تتحول حياة الأزواج الزوجية إلى مفسدة وتعاسة لعدم قدرة الرجل على مفارقة أهله في حال تعذرت الحياة الزوجية، وقد يدفع هذا الأمر إلى الإضرار بالزوجة كأن يقوم الرجل بمكارهتها والتضييق عليها لتفتدي نفسها، لذلك يكره المغالاة في المهور ويستحب التيسير، ومن المستحب للمسلمين الاقتداء بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه المسألة وأن لا يغفلوا الموازنة بين المصلحة والمفسدة وأن يبتعدوا عن كل ما من شأنه إفشال الزواج والله ورسوله أعلم.[15]

إلى هنا نكون قد وصلنا لنهاية مقال حكم المؤخر عند الطلاق قبل الدخول، والذي تم من خلاله التعرف على المهر في الشريعة الإسلامية وموعد أدائه وقيمته، وما يترتب من المهر للمرأة عند طلاقها قبل الدخول بها وبعده.

أسئلة شائعة

أسئلة شائعة
اذا طلبت الزوجة الطلاق قبل الدخول هل ترجع المهر؟
إذا تم العقد ، فللزوجة شرعا نصف المهر، ولا بأس أن تبريه فلا يكون لها شيء أو تعفو أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح، ولا يسقط حقها في نصف المهر بمجرد طلب الطلاق، أو لأنها هي التي طلبت الطلاق .
متى يسقط المهر قبل الدخول؟
إذا عقد الرجل على الزوجة، وطلقها قبل الدخول بها، فلها نصف المهر، ولكن إن خلا بها خلوة شرعية، فالجمهور على أن لها المهر كله، بسبب الخلوة، وهو مذهب الخلفاء الراشدين، والأئمة الثلاثة، والشافعي في القديم، وذهب الإمام الشافعي في مذهبه الجديد إلى أن لها من المهر نصفه، ولو خلا بها.
هل المطلقة قبل الدخول بها لها عدة؟
إن المرأة التي طلقها زوجها ولم يدخل بها لا عدة عليها، بدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً}. [الأحزاب:49]

المراجع

  1. ^ سورة النساء، الآية 24
  2. ^ سنن أبي داود، أنس بن مالك، أبو داود، 2109، سكت عنه وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح
  3. ^ alukah.net، المهر وآثاره، 24/02/2023
  4. ^ سورة البقرة، الآية 237
  5. ^ islamweb.net، حكم المهر عند الطلاق قبل الدخول، 24/02/2023
  6. ^ islamqa.info، طلقها قبل الدخول وقد أعطاها نقودا وشبكة وهدايا وكتب مؤخرا فما الذي له ؟، 24/02/2023
  7. ^ fiqh.islamonline.net، مستحقات الزوجة المطلقة قبل الدخول من القائمة، 24/02/2023
  8. ^ سورة الأحزاب، الآية 49
  9. ^ islamweb.net، ما تستحقه المطلقة قبل الدخول بها، 24/02/2023
  10. ^ binbaz.org.sa، حكم اشتراط المهر المؤخر عند الطلاق، 24/02/2023
  11. ^ سورة المائدة، الآية 1
  12. ^ islamqa.info، متى يلزم دفع مؤخر الصداق ؟، 24/02/2023
  13. ^ سورة النساء، الآية 20
  14. ^ islamqa.info، بيان السنة في المهر وكم يساوي في الوقت الحالي، 24/02/2023
  15. ^ islamweb.net، غلاء المهور ظاهرة تخالف الشريعة، 24/02/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *