حكم نزول قطرات البول على الجسم ، هل يكفي غسل البول بالماء

حكم نزول قطرات البول على الجسم ، هل يكفي غسل البول بالماء
حكم نزول قطرات البول على الجسم

حكم نزول قطرات البول على الجسم ، هل يكفي غسل البول بالماء ، وهو ما سيتم الحديث عنه في هذا المقال، حيثُ يعدّ من الأحكام المهمة التي يجب على كل مسلم معرفتها، لأنّ الطهارة شرط أساسي لأغلب الفروض الدينية الإسلامية مثل الصلاة وقراءة القرآن والحج، فمن أهم الأشياء التي يجب أن يقوم بها المسلم هو الحفاظ على نظافته، حتى يقوم بالعبادات على أكمل وجه وينال الأجر من الله تعالى، ومن خلال هذا المقال سوف يتم بيان مفهوم الطهارة في الإسلام، ثمّ معرفة حكم نزول قطرات البول على الجسم وغيرها من الأحكام الشرعية ذات العلاقة بالموضوع.

الطهارة في الإسلام

تعتبر الطهارة بأنها مطلب أساسي في الإسلام، وهي تتمثل بالنظافة والتطهر من النجاسة وجميع الأقذار عن طريق الوضوء أو الغسل، فقد أمر الله -تعالى- بها عباده، وجعلها واجبة من أجل القيام بجميع العبادات كالصلاة والحج وغيرها، ويجب على المسلم الذي يريد أن ينال محبةَ الله -سبحانه وتعالى- أن يحرص على أن يكون طاهرًا على الدّوام، وذلك لأنَّ الله يحبُّ عباده المتطهرين، وتشترط الطهارة من أجل صحّة الصّلاة، والطهارة للصلاة هي ما يجعل من الصّلاة مباحة مثل الوضوء، أو التخلُّص من جميع النجاسات التي قد تكون البدن أو الثياب أو المكان، وقد ارتبط الوضوء ارتباطًا كبيرًا بالصَّلاة[1]، قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ”[2]، كما قد ورد في الحديث أنَّ الطهارة في الإسلام نصف الإيمان وذلك لأنها تشترط في جميع العبادات تقريبًا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الطُّهورُ شطْرُ الإيمانِ ، والحمدُ للهِ تملأُ الميزانَ ، وسُبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ تَملآنِ ما بين السماءِ والأرضِ ، والصلاةُ نورٌ ، والصدَقةُ بُرهانٌ ، والصبْرٌ ضِياءٌ ، والقُرآنُ حُجَّةٌ لكَ أوْ عليكَ ، كلُّ الناسِ يَغدُو ، فبائِعٌ نفسَهُ ، فمُعتِقُها أوْ مُوبِقُها”[3].

حكم نزول قطرات البول على الجسم

إنّ نزول قطرات البول على الجسم تعد من النجاسة، وقد أمر الله -تعالى- المسلمين بالطّهارة، فقد قال الله -تعالى- في محكم تنزيله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[4]، فالتّطهّر من البول واجبٌ على كل ّمسلمٍ ومسلمة، ولا يجوز ترك النّجاسة على البدن أو الثّوب أو في المكان إطلاقاً، لذلك ينبغي على المسلم غسل الموضع الذي أصابته النجاسة، فإن لم يستطع تحديد الموضع لزمه غسل العضو كاملاً، والأفضل أن يحاول المسلم  تجنب النجاسة والتحرز منها قدر جهده، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ أَمَا إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ” الحديث وفي رواية : ” وَكَانَ الآخَرُ لا يَسْتَنْزِهُ عَنْ الْبَوْلِ أَوْ مِنْ الْبَوْلِ”[5]، فقد دل الحديث على أن عدم التحفظ من البول والحذر منه يعتبر من أسباب العذاب، فقد جاء الحديث لتحذير المسلم مِن عدم الاحترازِ مِن البول، كما يلتحق به غيره مِنَ النَّجاسات في البدن والثَّوب.[6]

شاهد أيضًا: هل يجوز الاستغفار بدون وضوء

حكم رذاذ البول المتطاير من المرحاض

إنّ من الواجب على المسلم أن يتحرز من البول المتطاير من المرحاض، فإذا تطاير شيء منه على البدن أو الثوب وجب غسله؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- قال في كتابه الكريم: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[7]، فإذا علم المسلم الموضع الذي تطاير عليه رذاذ البول يتوجب عليه غسله، أما إن لم يتمكن من تحديد الموضع وجب غسل ما أصابته حتى يتيقن زوالها، فقد قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- في الممتع شرح زاد المستنقع: “وإن خفي موضع نجاسة غسل حتى يجزم بزواله”، ويجدر بالذّكر أنه إذا ارتدى الشخص ملابسه التي أيقن أنه تطايرت عليها رذاذ البول من المرحاض وجب عليه خلعها وغسل المكان الذي أصابته النجاسة بالماء، ولكن إن لم يتيقن ذلك فالأصل طهارتها فلا يحكم بتنجسه إلا بيقين، وأما مع الشك فلا يلزم شيء من ذلك لأن الأصل هو بقاء الطهارة ولا يزول هذا اليقين بمجرد الشك.[8]

هل يجب تغيير الملابس عند نزول قطرات بول

لا يجب على المسلم أن يقوم بتغيير ملابسه عند نزول قطرات البول عليها، فالواجب عليه أولاً أن تيقن نزولها، فإذا أيقن ذلك يغسل الموضع الذي أصابته بالماء، أما إن لم يتمكن من تحديد الموضع الذي أصابته النجاسة، فلا بدّ من غسل الثوب كله إن كان سيصلي فيه[9]، وهذا إذا لم تكن هذه النجاسة غير معفو عنها، أما إذا كانت يسيرة كنقطة بول ونحوها، فاختلف أهل العلم فيها، فقد ذهب بعض من أهل العلم إلى أنه لا يلزم غسلها إذا صعب عليه التحفظ منها، وذهب آخرون إلى أنه لا يعفى عن يسير النجاسة خصوصاً الغائط أو البول وهو الراجح، فقد قال البهوتي -رحمه الله- في كشاف القناع: “ولا يعفى عن يسير نجاسة ولو لم يدركها الطرف أي البصر، كالذي يعلق بأرجل ذباب ونحوه، لعموم قوله تعالى: وثيابك فطهر [المدثر:4]، فإن كان من سبيل لم يعف عنه لأنه في حكم البول أو الغائط”، ولكن إن كان المسلم يشك في نزول قطرات البول على الملابس فلا يلزمه غسل شيء؛ لأن الأصل عدم النجاسة حتى تثبت يقينًا، والله أعلم.[10]

شاهد أيضًا: حكم عدم الاغتسال من الجنابة لعدة أيام

كيفية التطهر من نجاسة البول

يستطيع المسلم التطهر من نجاسة البول عن طريق صبِّ الماء على موضع النجاسة، ولكن يتوجب أن يكون الماء أكثر من النجاسة حتى تزول، وذلك بدليل الحديث الذي رواه أنس بن مَالِكٍ -رضي الله عنه- قال: ” أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي المَسْجِدِ ، فَقَامُوا إِلَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تُزْرِمُوهُ . ثُمَّ دَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَصُبَّ عَلَيْهِ”، ويجدر بالذّكر أنه لا يجب على المسلم عصر الثياب بعد صب الماء عليها؛ وذلك لأن الماء الباقي عليه طاهر ما دامت النجاسة قد زالت، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في ذلك: ” فالراجح أن النجاسة متى زالت بأي وجه كان زال حكمها ، فإن الحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها”.[11]

هل يكفي غسل البول بالماء

ذكر الشيخ ابن باز -رحمه الله- أنه يكفي غسل الموضع الذي عليه البول بالماء، ولا يحتاج إلى الفرك أو العصر، والأفضل المكاثرة بالماء[12]، فقد جعل الله -تعالى- الماء طَهورًا ومُطِهِّرًا، ودليل ذلك من الكتاب ما جاء في قوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}[13]، أما من السنة مِن السُّنَّةِ ما جاء عن أسماءَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: “جاءتِ امرأةٌ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالت: أرأيتَ إحدانا تحيضُ في الثَّوبِ، كيف تصنَعُ؟ قال: تَحُتُّه، ثم تَقرُصُه بالماء وتَنضَحُه، وتصلِّي فيه”[14]، فمن الواجب على المسلم غمر محل النجاسة بالماء؛ بحيث لا يبقى لها لون ولا طعم ولا رائحة، فقد قال الرواني -رحمه الله- في تعقيبه على هذه المسألة:” فرع: لو صب الماء على مكان النجاسة وانتشر حولها لم يحكم بنجاسة محل الانتشار؛ كما في الروض وأصله أي والمغني”.[15]

وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذا المقال الذي بيّنا فيه حكم نزول قطرات البول على الجسم ، هل يكفي غسل البول بالماء، فقد بيّنا من خلاله بعض من المعلومات حول مفهوم الطهارة في الإسلام، ثم بيّنا الإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح، كما أدرجنا حكم رذاذ البول المتطاير من المرحاض، وبيّنا هل يجب تغيير الملابس عند نزول قطرات بول، ثمّ ختمنا مقالنا ببيان كيفية التطهر من نجاسة البول، وهل يكفي غسل البول بالماء، نرجو أن نكون قد وفقنا في كتابة هذا المقال، وأن نكون حملنا لكم الفائدة التي تبحثون عنها.

المراجع

  1. ^ islamweb.net، الطهارة ،، شروطها وكيفيتها، 28/03/2023
  2. ^ سورة المائدة، الآية 6
  3. ^ صحيح الجامع ، أبو مالك الأشعري، الألباني، 3957، صحيح
  4. ^ سورة البقرة ، الآية 222
  5. ^ صحيح مسلم، عبدالله بن عباس ، مسلم، 292، صحيح.
  6. ^ binbaz.org.sa، حكم وقوع رذاذ البول على الجسم أو الثوب، 28/03/2023
  7. ^ سورة المدثر ، الآية 4
  8. ^ islamqa.info، هل يجب غسل النجاسة المتطايرة على بدنه أثناء قضاء الحاجة أو يكفي مسحها ؟، 28/03/2023
  9. ^ islamweb.net، الاغتسال وتغيير الملابس عند ارتداد قطرات البول وجهل موضعها، 28/03/2023
  10. ^ islamweb.net، مذاهب العلماء في حكم ما يصيب البدن أو الثوب من رذاذ البول، 28/03/2023
  11. ^ islamqa.info، كيف يطهّر ثوبه إذا أصيب بقطرة أو قطرتين من البول ؟، 28/03/2023
  12. ^ binbaz.org.sa، هل يكفي صبُّ الماء على ما أصابه البول؟
  13. ^ سورة الفرقان ، الآية 48
  14. ^ صحيح الجامع، أسماء بنت أبي بكر، الألباني، 350، صحيح.
  15. ^ islamweb.net، كيفية إزالة النجاسة من البدن والثوب، 28/03/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *