شرح قصيدة آمنت بالحسين للجواهري والصور الفنية فيها

شرح قصيدة آمنت بالحسين للجواهري والصور الفنية فيها
شرح قصيدة آمنت بالحسين للجواهري

شرح قصيدة آمنت بالحسين للجواهري والصور الفنية فيها، أو كما تشتهر باسم عينية الجواهري، وهي قصيدة مكتوبة على ضريح الإمام الحسين، وقد ألقاها الجواهري ألقاها في الحفل الذي أقيم في كربلاء يوم 26 تشرين الثاني / نوفمبر عام 1947م، وذلك في ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، وتعد هذه القصيدة من أروع ما قيل في الإمام الحسين عليه السلام على الطريقة الفكرية الحديثة فقد عمد الشاعر االعراقي الجواهري في القصيدة إلى إظهار فلسفة النهضة الحسينية وأهدافها وأبعادها وثمراتها، وفي مقالنا الآتي سنتناول شرح بعض الأبيات من قصيدة آمنت بالحسين.

من هو كاتب قصيدة آمنت بالحسين

صاحب قصيدة آمنت بالحسين هو الشاعر العراقي الكبير الجواهري، هو محمد مهدي بن الشيخ عبد الحسين الجواهري من أسرة عريقة اشتهرت بالزعامة الدينية من عهد مؤسسيها الشيخ محمد حسن صاحب كتاب جواهر الكلام، ولد في مدينة النجف الأشرف عام 1899م المدينة التي كانت تزدحم بالمجالس العلمية والأدبية، درس وهو في سن السابعة في الكتاتيب في النجف الأشرف اتجه بعد ذلك كما يتجه كل أفراد أسرته منذ حداثته لدراسة علوم اللغة والمنطق والفقه وأصوله، كان بيت الجواهري بيت علم وشعر وأدب شأنه شأن بيوت كثيرة في النجف آنذاك، فقرأ لكبار الشعراء وحفظ شعرهم وتأثر بهم، وقيل أنه حفظ ديوان المتنبي كله وقسماً كبيراً من شعر غيره من مشاهير الشعراء القدماء، لقب الجواهري  بلقب شاعر العرب الأكبر من دون منازع وكذلك لقب بـلقب نهر العراق الثالث.

يتصف شعر الجواهري بمتن النسج في إطناب ووضوح وبخاصة حين يخاطب الجماهير، لا يظهر فيه تأثر بشيء من التيارات الأدبية الأوروبية وتتقاسم موضوعاته المناسبات السياسية والتجارب الشخصية، وتبدو في كثير منها الثورة على التقاليد من ناحية، وعلى الأوضاع السياسية والاجتماعية الفاسدة من ناحية أخرى. عاش فترة من عمره مُبْعَداً عن وطنه، وتوفى بدمشق عام 1997 عن عمر ناهز الثامنة والتسعون عامًا.[1]

شرح قصيدة آمنت بالحسين للجواهري

نُشرت قصيدة آمنت بالحسين في جريدة الرأي العام العدد 229 في 30 تشرين الثاني 1947م، وهي من قصائد الرثاء، وكتبت على قافية حرف العين (ع)، وعدد أبياتها 64 بيتاً شعرياً، وفيما يأتي سنتناول شرح بعض أبيات هذه القصيدة:[2]

  • فِدَاءً لمثواكَ من مَضْجَعِ ***** تَنَوَّرَ بالأبلَجِ الأروَعِ

يقول الشاعر محمد مهدي الجواهري في هذه الأبيات مخاطبًا الحسين بن علي رضي الله عنه، إني على استعداد لأن أفدي بروحي ودمي مقامك ومكانك، لأن هذا المكان أنار وأضاء بأجمل الأنوار وأطهر الأضواء.

  • بأعبقَ من نَفحاتِ الجِنانِ ***** رُوْحَاً ومن مِسْكِها أَضْوَعِ

يقول الشاعر إن مضجعك ومقامك تعبق فيه أجمل وأطيب النسائم وكأنها نسمات آتية من الجنة، بل هي أطيب من عطر وطيب الجنة أيضًا.

  • وَرَعْيَاً ليومِكَ يومِ “الطُّفوف” ***** وسَقْيَاً لأرضِكَ مِن مَصْرَعِ

ثم يقول الشاعر ورعيا ليومك: أي نحفظ أو حفظًا ليومك، يوم الطفوف وهو يوم مشهود ومعروف عند أتباع الطائفة الشيعية أي أنه يقول إننا نحفظ يوم الطفوف جيدًا، ثم يدعو الشاعر بالسقيا إلى الأرض التي دُفن فيها الحسين بن علي.

  • وحُزْناً عليكَ بِحَبْسِ النفوس ***** على نَهْجِكَ النَّيِّرِ المَهْيَعِ

في هذا البيت يقول الشاعر إننا نألم ونحزن عليك ونعبر عن حزننا من خلال جعل نفوسنا تتبع نهجك المضيء البين الواضح المعالم الذي لا يتوه معه التابعون.

  • وصَوْنَاً لمجدِكَ مِنْ أَنْ يُذَال ***** بما أنتَ تأباهُ مِنْ مُبْدَعِ

يقول الشاعر إننا نصون مجدك وإرثك العظيم، فلا يزول ما دمنا عليه سائرين ولا يفنى ما دمنا به مؤمنين ولا يغيب ما دمنا إليه مسلطي الأضواء.

  • فيا أيُّها الوِتْرُ في الخالدِينَ ***** فَذَّاً، إلى الآنَ لم يُشْفَعِ

في قول الشاعر فيا أيها الوتر في الخالدين يريد أن يخبر الحسين بن علي رضي الله عنه بأنّه شخص فريد ونادر بين العظماء الخالدين، فهو الوتر الذي لا يُشفع أبدًا أي لا يتكرر أبداً ولا يوجد منه شخصين.

  • ويا عِظَةَ الطامحينَ العِظامِ ***** للاهينَ عن غَدِهِمْ قُنَّعِ

يقول الشاعر مخاطباً الحسين بن علي رضي الله عنه بأنه هو الموعظة الأولى للأشخاص الطامحين للوصول إلى العظمة، وموعظة الأشخاص العظماء للأشخاص اللاهين الذين يحجبون أنظارهم عن غدهم الأكيد.

  • تعاليتَ من مُفْزِعٍ للحُتوفِ ***** وبُورِكَ قبرُكَ من مَفْزَعِ

بعد هذه السلسلة من النداءات التي تتبعها الأوصاف، يأتي النداء والقول؛ فيقول الشاعر: تعاليت أيها الرجل المغيث الناصر الذي تكشف الموت وتبينه للآخرين، وبورك قبرك أيها العظيم.

  • تلوذُ الدُّهورُ فَمِنْ سُجَّدٍ **** على جانبيه ومن رُكَّعِ

في هذا البيت يقول الشاعر محمد مهدي الجواهري إن أبناء الدهور وهم البشر يلوذون بك ويتحصنون بك أيها الحسين بن علي، وذلك بالسجود والركوع بجانب مقامك العظيم.

  • شَمَمْتُ ثَرَاكَ فَهَبَّ النَّسِيمُ **** نَسِيمُ الكَرَامَةِ مِنْ بَلْقَعِ

يقول الشاعر أنّه قد شم التراب في قبر الحسين فهب النسيم، هذا النسيم المشبع بالكرامة والإباء والعزة، هذا النسيم من أرض الجود والكرم والعظمة.

  • وعَفَّرْتُ خَدِّي بحيثُ استراحَ **** خَدٌّ تَفَرَّى ولم يَضْرَعِ
  • وحيثُ سنابِكُ خيلِ الطُّغَاةِ **** جالتْ عليهِ ولم يَخْشَعِ

يقول الشاعر في هذه الأبيات أنّه مرّغ وفرك خده بتراب أو بثرى قبر الحسين بن علي عليه السلام، في المكان الذي استراح فيه خذ الحسين الذي انشق ولم يخضع ولم يهن، وحيث مرت خيول الطغاة وجالت وصالت ولم يخشع لهم ولم يتذلل، فالحسين كريم عظيم لا يخضع ولو كلفه ذلك روحه، وهذا ما حدث فعلًا وهذا ما يستذكره ويحاوله شرحه الشاعر في هذه الأبيات.

  • وَخِلْتُ وقد طارتِ الذكرياتُ **** بِروحي إلى عَالَمٍ أرْفَعِ
  • وطُفْتُ بقبرِكَ طَوْفَ الخَيَالِ **** بصومعةِ المُلْهَمِ المُبْدِعِ

يقول الشاعر في هذا البيت أنه قد تخيل وشعر كأن روحه طارت به إلى عالم أرفع قدراً وأعظم مكانة من هذا العالم، وتصوّر نفسه وهو يطوف بقبر الحسين بن علي رضي الله عنه كما يطوف الخيال بصومعة المبدعين الملهمين.

  • كأنَّ يَدَاً مِنْ وَرَاءِ الضَّرِيحِ **** حمراءَ “مَبْتُورَةَ الإصْبَعِ”
  • تَمُدُّ إلى عَالَمٍ بالخُنُوعِ **** وَالضَّيْمِ ذي شَرَقٍ مُتْرَعِ
  • لِتُبْدِلَ منهُ جَدِيبَ الضَّمِيرِ **** بآخَرَ مُعْشَوْشِبٍ مُمْرِعِ

يقول الشاعر لقد تخيلت أنّ يدًا من وراء قبرك وضريحك مقطوعة الإصبع لونها حمراء، تمتد إلى هذا العالم المليء بالخنوع والضيم والذل والظلم، فتقوم على تغييره ونشر العزة والكرامة والأنفة والإباء فيه، وذلك بهدف تبديل الضمير النائم الميت الذي ال حياة فيه، بضمير حي صاح وكأنه الأرض الخضراء التي تنبض بالحياة.

الصور الفنية في قصيدة آمنت بالحسين للجواهري

تتضمن هذه القصيدة والتي يطلق عليها قصيدة عينية الجواهري العديد من الصور الفنية المميزة، نذكر منها ما يأتي:

  • تلوذُ الدُّهورُ فَمِنْ سُجَّدٍ: يشبه الشاعر هنا الدهور والزمان بالإنسان الذي يلوذ، فحذف المشبه به وهو الإنسان وكنّى عنه بشيء من صفاته وهو اللوذ على سبيل الاستعارة المكنية.
  • وخلت وقد طارتِ الذكرياتُ: شبه الشاعر الذكريات بالطائر الذي يطير، فحذف المشبه به وهو الطائر وكنّى عنه بشيء من صفاته وهو الطيران على سبيل الاستعارة المكنية.
  • يَسِيرُ الوَرَى بركابِ الزمانِ **** مِنْ مُسْتَقِيمٍ ومن أظْلَعِ: شبه الشاعر الزمان وكأنه المَلِكٌ والناس تسيرُ في ركابه، منهم من يسير مشيةً سليمة صحيحةومكنهم مَن يعوّج في مشيتهِ.

معاني المفردات الصعبة في قصيدة آمنت بالحسين للجواهري

تحتوي القصيدة على العديد من الكلمات الصعوبة، وفيما يأتي نضع بين أيديكم بعض معاني الكلمات التي تحتاج لتبيانها:

  • مثواك: بمعنى المقام والمكان.
  • أبلج: بمعنى الوضاء المشرق، الواضح الظاهر.
  • أعبق: بمعنى الذي يفوح منه رائحة الطيب.
  • رعيا: بمعنى الحفاظ.
  • الحبس: المنع.
  • نيّر: مايتضح من الطريق.
  • مهيع: البيّن.
  • يذال: الذل هو الإهانة، بمعنى يُهان.
  • الوتر: الفرد وعكسها الشفع.
  • فذا – (فذ): فريد.
  • طامح: المرتفع وطمح في الطلب أي أبعد فيه.
  • قنّع: راضين بالقسم.
  • مفزع: الإغاثة والنصرة، كاشف أو مخيف.
  • الحتوف: الموت.
  • تلوذ: اللوذ هو الإستتار، والاحتصان به.
  • بلقع: هي الأرض القفر.
  • عفرت: عفره في التراب أي مرغه فيه، أو دمسه وضرب به الأرض.
  • تفرّى:  بمعنى انشق.
  • يضرع: الخضوع والإذلا.
  • سنابك: طرف الحافر.
  • جالت: طافت، جال القو م حوله أي انكشفوا، ثم كروا.
  • خلت (خال): الظن أو التوهم.
  • أرفع (رفع): شرف وعلا قدره.
  • صومعة: جوهرة.
  • الملهم: أصيل الرأي، كامل عظيم، الكثير الخير والعطاء.
  • المبدع: الأول الذي لم يسبق، الغاية في كل شيء.
  •  الضريح: القبر.

شرح قصيدة عينية الجواهري pdf

قصيدة فداك لمثواك هي قصيدة ألقاها الجواهري في حفل أقيم في كربلاء بذكرى إستشهاد الإمـام الحـسين بن علي عليه السلام، و لقد كُتِب خمسة عشر من أبياتها بماء الذهب على الباب الرئيسي لضريح الإمام الحسين عليه السلام، وقد سميت “عينية الجواهري” و “آمنت بالحسين”، وفي هذه القصيدة خاطب الشاعر الإمام عليه السلام و هو يستقبل عظمة ذلك القبر ، والكثير من الأشخاص يهتمون بالحصول على شروح القصائد بصيغة ملف pdf لأسباب كثيرة، من أهمها القدرة على الاطلاع على هذا الملف وعلى ما فيه من بيانات في أي وقت وبسهولة كبيرة، والقدرة على طباعة الشرح على ورق، فإلى كل من يرغب بالحصول على ملف شرح قصيدة آمنت بالحسين للشاعر العراقي الراحل محمد مهدي الجواهري، يمكنه تحميل قصيدة عينية الجواهري pdf بشكل مباشر “من هنا“.

تحليل قصيدة الجواهري فداك لمثواك

فيما يأتي نعرض تحليلاً مبسطاً لقصيدة آمنت بالحسين أو فداك لمثواك للجواهري:

  • استعمل الشاعر الأساليب اللغوية المختلفة ووظفها بشكل فني مميز لتخدم الهدف الرئيسي من القصيدة وهو الثبات والفداء والإيمان بالحسيين بن علي رضي الله عنه، ولنتاسب عنوانها آمنت بالحسين.
  • ابتدء الشاعر قصيدته بالجملة الاسمية محذوفة المسند إليه  وهي فداء لمثواك.
  • كرر الشاعر استخدام اسم التفضيل مثل (أبلج، أروع، أعبق، أضوع).
  • جمع الشاعر بين الإثبات و النفي و كرر (لم) النافية حوالي 12 مرة وذلك بهدف إثبات المعنى ونفي ضده بها.
  • استخدم الشاعر تكرار الحروف بشكل عمودي و أفقي وذلك جعل القصيدة ترتفع بالإيقاع الداخلي و تشد الأسماع و كأنها مقطوعة موسيقية و نغم يصلح للإنشاد.

مقالات قد تهمك

شرح قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب وأفكارها الرئيسة شرح قصيدة كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر للشاعر أبي تمام
شرح قصيدة أبو العتاهية قطعت منك حبائل الآمال والمفردات الصعبة فيها شرح قصيدة بطاقة هوية لمحمود درويش والصور الفنية فيها
شرح قصيدة the waste land بالعربي للشاعر الإنجليزي ت. س. إليوت شرح قصيدة الشاعر والفقر وبعض الصور الفنية فيها
شرح قصيدة لم يك وقافا لدريد بن الصمة والمفردات الصعبة فيها شرح قصيدة ابن خفاجة في وصف النهر والصور الفنية فيها

وبهذه المعلومات نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا الذي بين شرح قصيدة آمنت بالحسين للجواهري والصور الفنية فيها، ومن هو صاحب القصيدة محمد مهدي الجواهري، وتحدث المقال عن الصور الفنية في قصيدة آمنت بالحسين، وعرض معاني المفردات الصعبة في القصيدة، وكما قدم المقال أيضاً شرح قصيدة عينية الجواهري pdf، وتحليل قصيدة الجواهري فداك لمثواك.

المراجع

  1. ^ marefa.org، محمد مهدي الجواهري، 12/09/2023
  2. ^ aldiwan.net، فداء لمثواك، 12/09/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *