صحة حديث من صام رمضان واتبعه ستا من شوال

صحة حديث من صام رمضان واتبعه ستا من شوال من الأحاديث النبويّة التي تحمل بين كلماتها الفضل العظيم للتطوع في الصيام بعد انقضاء شهر رمضان المبارك، فبعد رمضان المبارك يبدأ شهر شوال، ويعدّ الصيام فيه خلال أيّامٍ معيّنة عبادةٌ عظيمة تورث المسلم الأجر العظيم والكبير عند الله تعالى في الدّنيا والآخرة، ومن خلال مقالنا هذا سنتعرّف على صحة الحديث المذكور وأهمية العبادة الموجودة فيه.

من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصوم الدهر

ورد حديث صيام ستٍّ من شوال في الكثير من كتب الحديث الشّريف التي تناقلها المسلمون عن علماء الحديث الكبار القدماء والمعاصرين، والحديث يقول: عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ”.^[1] فصيام ستٍّ من شوال بعد صيام شهر رمضان المبارك يكون كصيام المسلم للدهر كله، وله أجر صيام دهرٍ كاملٍ يناله عند الله تعالى في الآخرة، وأجر الصيام عظيمٌ يعطيه الله تعالى للصائم ويكون مآله الجنة يدخل من باب الريان ويكون من ذوي الدرجات العليّة يوم القيامة، فلهذه السنة المباركة عظيم الأجر والجزاء، وفي الآتي سيتمّ الحديث حول صحة هذا الحديث وحكمه عند العديد من علماء الحديث الشريف.

شاهد أيضًا: هل يجوز تقديم صيام الست من شوال على قضاء رمضان ابن باز

صحة حديث من صام رمضان واتبعه ستا من شوال

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ”، وقد ورد هذا الحديث على لسان الصحابي الجليل أبو أيّوب الأنصاري رضي الله عنه، وله الكثير من الطّرق والألفاظ التي أخرجها الكثير من علماء الحديث القدماء والمعاصرين، حيث نُقل هذا الحديث الشريف من طرقٍ عديدة وأسانيد مختلفة، وفي صحته ورد ما يأتي:^[2]

• أخرجه مسلمٌ في صحيحه فهو حديث صحيح برقم 1164.
• أخرجه البزار في البحر الزخار برقم 15/84 وقال في حكمه أنّه لم يسمعه من أحدٍ إلا عمر بن حفص.
• أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب برقم 2/125 وقال فيه أن أحد طرقه صحيح.
• أخرجه ابن الملقن في خلاصة البدر المنير برقم 1/336 وقال فيه أن له طرق كثيرة صحيحة.
• أخرجه ابن الملقن في البدر المنير برقم 5/751 وقال في حكمه أنه حديثٌ صحيح.
• أخرجه الهيثميّ في مجمع الزوائد عن أبي هريرة برقم 3/186 وقال في حكمه: له طرق رجالٍ بعضها رجال الصحيح.
• أخرجه الترمذي في مختصر الأحكام برقم 3/416 وقال في حكمه أنّه حديثٌ حسن.
• أخرجه الإمام أحمد في كشاف القناع برقم 2/337 وقال في حكمه أنه روي من ثلاثة أوجه.
• أخرجه شعيب الأرناؤوط في تخريج مشكل الآثار برقم 2343 وكان حكمه إسناده صحيح على شرط مسلم.
• أخرجه ابن القيّم في تهذيب السنن برقم 7/86 وقال في حكمه أنّه حديثٌ صحيح.
• أخرجه الألباني عن أبي هريرة في صحيح الترغيب برقم 1009 وقال في حكمه أنه صحيح.
• أخرجه الألباني في صحيح أبي داود برقم 2433 وقال في حكمه أنّه صحيح.
• أخرجه ابن حبان في صحيح ابن حبان برقم 3634 وقال في حكمه أن حديثٌ صحيح.

هل حديث صيام ست من شوال ضعيف

قد وري الحديث عن صيام الست من شوالٍ بعد صيام رمضان من ثلاثة أوجه عن أبي أيوب الأنصاري وعن أبي هريرة وعن سعد بن سعيد بن قيس، ولقد صحح الكثير من أهل العلم الحديث المذكور عن أبي أيوب الأنصاري وعن أبي هريرة وسكت عنه البعض، كذلك منهم من صححه على شرط مسلم، وأما عن طريقة سعد بن سعيد بن قيس فضعف الحديث أكثر أهل العلم والحديث، وذلك لأن سعد بن سعيد ضعيف الذاكرة فلم يأخذ عنه البخاريّ أيّ حديث، ومعظم الأحاديث التي رواها صحيحةٌ من غير طريقته، وأمّا الأحاديث التي رواها إما ضعيفة أو غير صحيحة فكان يُخطئ في الأحاديث وذلك مشهورٌ عند أهل العلم، أمّا عن هذا الحديث فهو صحيحٌ من طريق أبو أيوبٍ الأنصاريّ وأبي هريرة، أما عن طريق سعد بن سعيد فهو ضعيف.^[3]

شاهد أيضًا: من يُباح له الفطر في رمضان ويجب عليه الكفارة

فضل صيام الست من شوال

إنّ صيام ستٍّ من شوال هو سنّةٌ مستحبّةٌ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد صحّ ذلك في الحديث المذكور عن أبي أيوب الأنصاريّ رضي الله عنه، وفضل صيام هذه الأيّام السّتة عظيمٌ وكبير، حيث أنّ صيام الستة من شوال بعد إتمام صيام شهر رمضان المبارك يعادل صيام سنةٍ كاملة، وذلك لأنّ الحسنة بعشرة أمثالها، فصيام رمضان عن صيام عشر شهور، وصيام الستة من شوال عن صيام شهرين، وبذلك يكمل المسلم عدّة السنة فينال أجر وجزاء عامٍ كامل، فمن صامها كلّ عام فكأنما يصوم كلّ الأعوام دون أن يُفطر يومًا، كذلك بصيام هذه الستة يعوّض المسلم ما نقص في صيام شهر رمضان المبارك، فالنفل يتمّ الفرض الناقص بإذن الله تعالى، والله أعلم.^[4]

حكم صيام الست من شوال

استحبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للمسلمين صيام ستّة أيّام من شهر شوال بعد إكمال عدّة شهر رمضان المبارك، فتلك سنّةٌ مستحبّةٌ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وورد ذلك في الكثير من الأحاديث الصحيحة التي رواها أبو أيوب الأنصاري وأبي هريرة رضي الله عنهما وغيرهما من الصحابة، والمسلم لا بدّ له من اتّباع هذه السنة العظيمة، لما فيها من الخير والأجر والفضل العظيم، فالمسلم إن أتبع صيام رمضان ستًا من شوال فله أجر صيام عامٍ كامل، فالحسنة عند الله تعالى بعشرة أمثالها، والمسلم يحرص على العمل الصالح ليضاعف الله تعالى أجره ويجزيه خير الجزاء في الدّنيا والآخرة، والله أعلم.^[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز صيام القضاء قبل رمضان بيوم او يومين

هل يشرع صيام الست من شوال لمن عليه قضاء

إنّ أهل العلم القدماء والمعاصرين قد اختلفوا في مسألة صيام النافلة قبل صيام القضاء لمن عليه ذلك، حيث رجحّ بعضٌ منهم إمكانية وجواز صيام الستّ من شوال قبل القضاء وإكمال عدّة رمضان، ومن أهل العلم من أجازه لكن مع كراهة ذلك، حيث أنّ قضاء رمضان حقٌّ لله تعالى، وحقّ الله تعالى أولى بأن يوفى، فإن صام المسلم قبل القضاء فجائزٌ لكنّه مكروه، ولقد حرم بعضٌ من أهل العلم صيام التطوع قبل صيام القضاء وإتمام عدّة أيّام رمضان، والراجح من القول هو ما ذهب إليه بعض العلماء من الجواز، لكنهم استثنوا صيام الست من شوال، حيث قيل أنّ الحديث يدلّ على صيام رمضان كاملًا وإتباعه ستًا من شوال، من لم يتمم صيام رمضان وصام من شوال فإنه لم يتمّ العدة المطلوبة، والله أعلم.^[5]

حكم الجمع بين نية القضاء وصيام ست من شوال

إنّ التشريك بيني نيّتي صيام القضاء وصيام النافلة لا يجوز إطلاقًا، حيث لا يُقبل صيام من صام القضاء والنافلة معًا، لأنّ كلّ عبادةٍ منهما مقصودةٌ بعينها، لا يجوز الجمع بينهما فيصير كمن يجمع صلاة الظهر مع ركعتي السنة الراتبة، أو يجمع بين العصر وسنة المغرب الراتبة، فلا يجوز ولا يصحّ، لذا فإنّ المسلم إذا أراد صيام ستٍّ من شوال بعد رمضان فإنّه يصوم القضاء أولًا ومن ثمّ يصوم ستًا من شوال بعد أن يتمّ عدة رمضان ويكملها ومن ثمّ يصم ستًا من شوال فينال الأجر العظيم الذي أخبر عنه المصطفى صلّى الله عليه وسلّم من خلال أحاديثه المباركة، والله أعلم.^[6]

بهذا يكون الختام في مقال صحة حديث من صام رمضان واتبعه ستا من شوال، حيث تعرفنا من خلاله على أحكام أهل العلم في أسانيد وطرق وروايات الحديث النبويّ الشريف المذكور.