معنى فدية طعام مسكين وما سبب نزول وعلى الذين يطيقونه

معنى فدية طعام مسكين وما سبب نزول وعلى الذين يطيقونه
معنى فدية طعام مسكين

معنى فدية طعام مسكين، وهو ما سنتعرف عليه في هذا المقال، فالكثير من المسلمين يبحثون عن معنى هذه الكلمة في شهرمضان الفضيل، حيثُ إنّ القرآن الكريم قد نزل مرشد للأمة كلها وتفسير القرآن الكريم يُعين المسلم على فهم المعاني وفهم الكلمات،  وقد وردت هذه الآية الكريمة في كتاب الله تعالى، وإنَّ كل آية من آيات القرآن الكريم عبارة عن حكمة بالغة تنطوي على معجزات ومعانٍ عظيمة لا يمكن الإلمام بها في يومٍ وليلة، ومن هذه المعطيات ومن خلال هذا المقال سوف يتم بيان معنى فدية طعام مسكين.

القرآن الكريم

قبل الإجابة عن سؤال ما معنى فدية طعام مسكين لا بدّ من ذكر تعريف عن القرآن الكريم، فهو كلام الله -تعالى- المنزّل مع الوحي على الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- المعجز بلفظه، المتعبّد بتلاوته، المُفتتح بسورة الفاتحة، والمُنتهي بسورة الناس، المكتوب في المصاحف، والمنقول بالتواتر، وهو مصدر التشريع الأول، وهو المعجزة الخالدة إلى يوم القيامة، كما أنه آخر الكتب السماوية فقد نزل على مدى ثلاثة وعشرون عامًا، وهو ويعدّ من أعظم المعجزات، حيثُ تكفّل الله -سبحانه وتعالى- بحمايته من التحريف إلى قيام الساعة، فقد نزل القرآن الكريم وهو يحتوي على معجزات عديدة ومنها، اللغة والفصاحة، بالإضافة إلى احتوائه على العديد من الأحكام التشريعية المهمة للمسلمين في كل مكان وزمان.[1]

معنى فدية طعام مسكين

ذكر أهل العلم والتفسير في تفسير القرآن الكريم أن معنى كلمة فدية طعام مسكين في سورة البقرة تعني دفع الفدية للشخص الذي لا يقدر على الصيام، وتكون بإطعام المسكين قدر ما يأكله في يومه، وقد وردت في قوله تعالى: {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}[2]، حيثُ يبين الله -سبحانه وتعالى- الرخص التي يجوز فيها للمسلم أن يفطر في رمضان دون إثم أو ذنب على أن يقضي الأيام التي أفطرها بعد زوال العذر، كالمريض، والمسافر، والمرأة الحائض أو النفاس، أو الحامل والمرضع، وإن كان المسلم لا يقدر على الصيام يشق عليهم مشقة لا تحتمل يدفع الفدية، مثل العاجز عن الصيام لمرض لا يُرجى برؤه، أو الشيخ الكبير، أو المرأة الكبيرة، والدليل على ذلك من السنة ما ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: “كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يُطيقان الصيام، أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينًا، والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا”[3]، حيثُ إنّ هؤلاء عليهم دفع كفارة عن كل يوم يفطرونه وهي إطعام مسكين من قوت أهل البلد المعروف مثل البر أو الأرز أو التمر أو غيرها من الأقوات المتعارف عليها.[4]

شاهد أيضاً: طريقة إخراج كفارة العاجز عن الصيام في رمضان

تفسير وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين إسلام ويب

حينما سأل أحد السائلين على موقع إسلام ويب حول ما تفسير قوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين)؟، أجاب عُلماء الموقع في فتوى رقم 139417، بما يأتي:[5]

“فقول الله تعالى: … وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ… {البقرة:184}، هو تيسير من الله تعالى على عباده وتدرج في فرض الصوم، والمعنى أن الذين يستطيعون الصوم إذا أفطروا فإن عليهم فدية، وكان هذا في أول الأمر حيث جعل الله تعالى الصيام على التخيير من شاء صام، ومن شاء أفطر وفدى،  فمعنى الآية: وعلى الذين يطيقون الصيام إذا أفطروا فدية.. ثم نسخت هذه الآية في قول جمهور أهل العلم بقوله تعالى: ..فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ.. ويدل على هذا المعنى ما رواه البخاري عن سلمة بن الأكوع: قال: لما نزلت: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ. كان من أراد أن يفطر ويفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها. انتهى..

شاهد أيضًا: ما هي فدية الافطار في رمضان وما الفرق بين فدية الصيام وكفارة الصيام

سبب نزول وعلى الذين يطيقونه

نزلت الآية الكريمة في الذين لا يقدروا على الصيام، وهم الشيخ الكبير، والمرأة العجوز، والمريض الذي لازمه مرضه، فقد جاء عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- قال: “لما نزلت: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} [البقرة: 184]. كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها”[6]، حيث يدل الحديث على أنه من رحمة الله -تعالى- بهم عندما أمروا بالصيام كان الخيار لهم إما أن يصوموا، وإما أن يفطروا ويطعموا عن كل يوم مسكين، ولكن عندما نزلت هذه الآية كان من أراد أن يفطر وهو ليس له علة أو مرض يطعم عن كل يوم مسكينًا وكان ذلك في بدء الإسلام، حتى نزلت الآية التي بعدها وهيَ: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}[7]، فجاءت هذه الآية فنسخت آية التخيير كلها، وهكذا أصبح الصيام فرض على كل المسلمين إلا من لا يستطع، بحيث يكون حكم الفدية باقيًا على من لم يطق الصوم لكبره، وتكون الفدية إطعام مسكين تعن كل يوم، كما يجوز لهم أن يطعموا دفعة واحدة عن كل الأيام التي أفطروا بها كما كان يفعل أنس بن مالك -رضي الله عنه- فقد كان يصنع جفنة من ثريد ويدعو ثلاثين مسكيناً فيطعمهم.[8]

هل آية وعلى الذين يطيقونه منسوخة

اختلف المفسرون في قوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}[2]، بين النسخ والإحكام، ولكن الإجماع منعقد على أن القادر الحاضر غير الحائض والنفساء يجب عليه الصيام من غير تخيير، أما غير قادر بسبب الكبر والهرم أجاز الله -تعالى- له الفطر والإطعام، وفيما يأتي سيتم بيان اختلاف المفسرين، وهو على النحو الآتي:[9]

  • القول الأول: ذهب بعض من العلماء إلى أنّ الآية منسوخة، وهو قول كل من الطبري، وأبو حيان، وابن كثير، وابن عاشور، وغيرهم، فعندما نزلت هذه الآية في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان صيام رمضان بالخيار إما صومه وسُقوط الفدية عنهم، أو الإفطار وإطعام مسكين لكل يوم؛  حىث نزلت “فمن شهد منكم الشهر فليصمه”، فألزموا فرضَ صومه، وبطل الخيار والفديةُ، وقد احتج الطبري على أن الآية منسوخة بقوله:” وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: “وَعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين”، منسوخٌ بقول الله تعالى ذكره: : فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ “لأن”الهاء” التي في قوله: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ من ذكر”الصيام” ومعناه: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ: وعلى الذين يطيقون الصيام فدية طعامُ مسكين، فإذْ كان ذلك كذلك، وكان الجميعُ من أهل الإسلام مجمعينَ على أن من كان مُطيقًا من الرجال الأصحاء المقيمين غير المسافرين صوْمَ شهر رمضان، فغير جائز له الإفطار فيه والافتداء منه بطعام مسكين – كان معلومًا أنّ الآية منسوخةٌ”.
  • القول الثاني: ذهب جمع من العلماء إلى أن الآية محكمة وغير منسوخة، فقد بيّن العلماء أنّ معنى (يطيقونه): تعنى “لا يطيقونه” بمعنى أن الذي لا يتحمل الصيام مطلقا، وعليه فتكون الآية محكمة، ويكون وجوب الإطعام على العاجز عن الصوم، كالهرم والزمن، أما ما ورد عن ابن عباس – رضي الله عنه – في كون هذه الآية منسوخة، فقد أزال الإشكال عنه القرطبي حيث قال: “يحتمل أن يكون النسخ هناك بمعنى التخصيص، فكثيراً ما يطلق المتقدمون النسخ بمعناه، وقد ثبت بالأسانيد الصحاح عن ابن عباس أن الآية ليست منسوخة وأنها محكمة “، كما ذكر الطبري أنه قرأ هذه الآية آخرين وقالوا:” أنه يقصد بها الشيخ الكبير والمرأة العجوز اللذان قد كبرا عن الصوم، فهما يكلفان الصوم ولا يطيقانه، فلهما أن يفطرا ويطعما مكانَ كلّ يوم أفطراه مسكينًا. وقالوا: الآية ثابتة الحكم منذ أنزلت، لم تنسخ، وأنكروا قول من قال: إنها منسوخة”، وهو القول الراجح، لأن من القواعد التي تعضد هذا الترجيح قاعدة: (القول الذي يدل عليه السياق أولى من غيره .. )، فقد جاء السياق في أول الآية يخاطب المكلفين بالصيام، ثمّ بيان أحكام المريض والمسافر أنه إذا تعذر عليهما الصوم فلهما القضاء في أيام أخر، فمن المفترض أن تكون الآية التي بعدها فيمن لا يقدرون على الصيام، كالهرم أو المرضع، الحامل.
شاهد أيضًا: معنى الفلق في سورة الفلق .. تفسير سورة الفلق

وَعَلَى الذين يطيقونه فِدْيَةٌ طعام مِسْكِينٍ إعراب

يعتبر الإعراب بأنه الوسيلة التي يتمكّن للشخص من خلالها فهم المعاني وتبسيطها، وفيما يأتي سيتم بيان إعراب قوله تعالى: {وَعَلَى الذين يطيقونه فِدْيَةٌ طعام مِسْكِينٍ}[2] حسب توزيع أقسام الكلام والقواعد النحوية:[10]

  • الواو: حرف عطف.
  • على: حرف جرّ.
  • الذين: اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم لفدية.
  • يطيقون: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون، لأنه من الأفعال الخمسة.
  • الواو: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.
  • الهاء: ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به، وفيه حذف مضاف أي يطيقون صيامه.
  • فدية: مبتدأ مؤخّر مرفوع وعلامة رفعه تنوين الضم.
  • طعام: بدل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
  • مسكين: مضاف إليه مجرور وعلامة جره تنوين الكسر الظاهر على آخره.

وهكذا نصل وإيّاكم إلى نهاية هذا المقال الذي قدمناه لكم بعنوان معنى فدية طعام مسكين، فقد عرفنا في هذا المقال بعضًا من المعلومات حول القرآن الكريم، وقد أدرجنا لكم الإجابة الصحيحة حول السُّؤال المطروح، ثمّ بيّنا تفسير وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين إسلام ويب، ثم وضحنا هل آية وعلى الذين يطيقونه منسوخة، كما ختمنا مقالنا ببعض المعلومات عن وَعَلَى الذين يطيقونه فِدْيَةٌ طعام مِسْكِينٍ إعراب، نرجو أن نكون قد وفقنا في الإجابة على هذا السؤال وأن نكون حملنا لكم الفائدة في هذا المقال.

المراجع

  1. ^ alukah.net، التعريف بالقرآن الكريم لغة واصطلاحا، 05/04/2023
  2. ^ سورة البقرة، الآية 184
  3. ^ تحفة المحتاج، ابن الملقن ، 2/102، صحيح أو حسن .
  4. ^ quran.ksu.edu.sa، تفسير سورة البقرة الآية 184
  5. ^ islamweb.net، تفسير: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، 05/04/2023
  6. ^ تخريج مشكل الآثار، يزيد مولى سلمة بن الأكوع ، شعيب الأرناؤوط، 6/ 186، صحيح.
  7. ^ سورة البقرة، الآية 185
  8. ^ ar.islamway.net، أسباب النزول - سبب نزول قوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) ، 05/04/2023
  9. ^ islamqa.info، (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) هل هي محكمة أم منسوخة؟، 05/04/2023
  10. ^ al-eman.com، الجدول في إعراب القرآن، 05/04/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *