عناصر المقال
هل يجوز الطلاق اثناء الحيض وما حكم رمي الطلاق على المرأة أثناء حيضها، فالطلاق أمرٌ مشروع في الإسلام، وهو أن يحل الرجل الوثاق بينه وبين زوجته، وقد عرّفه أهل العلم بأنه حل الرابطة الزوجية التي تجمع بين زوجين في الإسلام، وإنهاء أي علاقةٍ تربط الرجل بزوجته، وقد وردت الكثير من الآيات والأحاديث عن الطلاق في القرآن والسنة، ومن خلال هذا المقال سيتم بيان حكم الطلاق في الحيض وتوضيح الأحكام الشرعية المرتبطة بالطلاق.
هل يجوز الطلاق اثناء الحيض
اختلف أهل العلم في مسألة هل يجوز الطّلاق أثناء فترة الحيض أم لا يجوز، أي بمعنى هل يقع الطلاق على المرأة الحائض، فاختار جمهور أهل العلم أنّه يقع وذهب جماعةٌ من العلماء أنه لا يقع على المرأة الحائض طلاقًا، وممن اختار أن الطلاق لا يصيب الحائض الشيخين ابن عثيمين وابن باز، فالطلاق إن وقع على المرأة في حيضها فيه خلاف ونقاش بين العلماء، واختار جمهور أهل العلم مضيه ووقوعه، ولكن اختاروا أن يؤمر الرجل في إرجاع زوجته إليه ويتركها عنده حتى تطهر من حيضتها ثم تحيض ثم تطهر، حينها لو شاء أمسكها ولو شاء طلقها، وقد اختار الشيخ ابن تيمية أن طلاق الحيض لا يقع ولا تحسب طلقة.
واستدل أهل العلم الذين قالوا بعدم وقوع الطلاق في الحيض بما ورد عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنه: “أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فسأل عمر بن الخطاب رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد ذلك وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله سبحانه أن تطلق لها النساء”.[1] وبناءً على هذا الحديث فإن الطلاق في الحيض لا يقع والله أعلم.[2]
شاهد أيضًا: كيف أعرف أن الطلاق خير لي ، نصائح للزوجة التي تريد الطلاق
هل يقع الطلاق في الحيض إسلام ويب
ورد في موقع إسلام ويب أن الرجل لو طلق زوجته في حيضها فذلك محرّمٌ بالأدلة الصحيحة من القرآن والسنة، ولا خلاف بين العلماء في تحريم هذا الطلاق، ويكون من الطلاق البدعي الذي خالف سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن السنة الشريفة بيّنت أن الطلاق يكون في طهرٍ لا يمسها زوجها فيه، واختلف أهل العلم في وقوع طلاق الحيض، فأكثرهم قالوا يقع رغم تحريمه ويأثم فاعله، واختار ابن القيم وابن تيمية وبعض أهل العلم من المعاصرين أنه لا يقع، والراجح هو قول جمهور أهل العلم حيث إن الرجل لو طلق زوجته في حيضها آثمٌ مذنب لكن الطلاق يقع على زوجته، وذلك لأنه خالف الكتاب والسنة في شروط الطلاق وزمانه والله ورسوله أعلم.[3]
هل يقع الطلاق والمرأة حائض ابن باز
عُرضت مسألة طلاق المرأة وهي حائض على الشيخ ابن باز -رحمه الله- هل يكون الطلاق واقعًا على الحائض في أثناء الحيض، فأجاب الشيخ أن هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، وجمهور العلماء يقولون أنه واقع في حيضها وهذا ما اختاره أكثر أهل العلم، إلا أن بعض العلماء يقولون أن الطلاق في فترة الحيض لا يقع، وتحديدًا إن كان زوجها يعلم بها أنها حائض، فلو طلقها مع حيضها فقد وقع بالإثم، أما إذا كان لا يعلم بحيضها فالطلاق في الحيض يقع ولا يأثم بذلك، والراجح عند الشيخ ابن باز أن الرجل لو طلق زوجته وهو يعلم أنها في فترة الحيض فطلاقه لا يقع لكنه هو آثم وعليه أن يتوب إلى الله ويستغفر ربه، أما لو كان لا يعلم بحيضها فطلاقه صحيحٌ واقع والله ورسوله أعلم.[4]
شاهد أيضًا: نصيحة للزوجة التي تطلب الطلاق ، متى يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق
حكم طلاق الحائض والنفساء
إن طلاق الحائض والنفساء أمرٌ محرم في الشريعة الإسلامية ويأثم فاعله، ولكن تحريمه لا يقطع بعدم وقوعه، لأن جمهور أهل العلم قالوا بالرغم من تحريمه فإنه يقع، سواءً للحائض أم النفساء، أو من طهرت من حيضٍ وطلقها زوجها في طهرٍ جامعها فيه، ويسمى هذا الطلاق طلاقًا بدعيًا محرمًا وهو في الغالب واقع، وذلك احتجاجًا بحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عندما طلق زوجته في حيضها وأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمراجعة وذلك دليل على وقوع الطلاق، أما قول بعض أهل العلم فإنه لا يقع وذلك لأنهم فسروا المراجعة في حديث ابن عمر أنها الرد إلى بيته ولا يلزم أن تكون الرجعة الشرعية المعروفة ولا يلزم بذلك وقوع الطلاق، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أمر في الحديث أن يمسكها حتى تطهر فإن شاء طلق، ولا يكون من أمر النبي أن يكثر المسلم من الطلاق أو أن يكرره والله ورسوله أعلم.[5]
شاهد أيضًا: أسباب تجعل المرأة تطلب الطلاق شرعاً
أقوال أهل العلم في طلاق الحائض
وقع أهل العلم في خلافٍ حول مسألة طلاق الحائض إن كان يقع الطلاق في الحيض أم لا يقع، واتفقوا على أنه لا يجوز للرجل أن يطلق زوجته وهي حائض، أما أقوالهم في وقوع الطلاق من عدمه، فكانت كما يأتي:[6]
- القول الأول: وهو ما اختاره جمهور أهل العلم بأن الطلاق يقع في الحيض بالرغم من تحريمه ويأثم فاعله وعليه التوبة، واستدلوا بعدة أدلةٍ شرعية، وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- بمراجعة زوجته عندما طلقها في حيضها، والمراجعة لا تكون إلا بعد طلاق وهذا دليلٌ على أن الطلاق وقع، وقد أخبر عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أن الطلاق في الحيض يعتبر طلقة وتحسب.
- القول الثاني: وهو ما اختاره أهل العلم من أصحاب المذهب الحنبلي ورجحه ابن تيمية وابن القيم، وقالوا أن الطلاق في الحيض لا يقع، واستدلوا على أن الطلاق في الحيض آثمٌ صاحبه وهو بدعي، والطلاق البدعي مردود، فهو باطل لا يقع، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن كل عملٍ مبتدع فهو رد أي باطل مردود والله أعلم.
يحرم الطلاق في الحيض إلا في ثلاث حالات
لم يرد عن أهل العلم أي استثناءات لعدم تحريم الطلاق في أثناء الحيض، فما يتداوله بعض المسلمين عن حالاتٍ ثلاث يستثنى فيها التحريم للطلاق في الحيض باطل ولا صحة له، ففي مسألة هل يجوز الطلاق أثناء الحيض اتفق أهل العلم أنّه لا يجوز وهو حرامٌ لا يباح للمسلم أن يفعله، ويأثم الرجل الذي يطلق زوجته في حيضها وتلزمه التوبة والاستغفار، وكان خلاف أهل العلم فقط في وقوع الطلاق إن كان يُحسب طلاقًا أم لا، ولكن الراجح عند جمهور أهل العلم أن الطلاق في الحيض مع تحريمه فهو ماضٍ ويحسب طلاقًا ولكن يؤمر الرجل فيرجع زوجته عنده وينتظرها حتى تطهر وتحيض وتطهر، بعدها لو شاء أن يطلقها فعل من غير أن يجامعها في طهرها وإن شاء أمسكها وأبقاها على عصمته والله أعلم.
شاهد أيضًا: هل يجوز الطلاق في الحيض
الحكمة من تحريم الطلاق وقت الحيض
أجمع أهل العلم بلا خلاف على أن طلاق الحائض محرمٌ في الشريعة الإسلامية، وإن لهذا التحريم حكمة بالغة، فقد تم تحريم هذا الطلاق في زمن الحيض دفعًا للضرر عن المرأة، لأن عدّة المرأة من الطلاق تكون ثلاثة أطهار، ويزيد ذلك عليها بضعة أيام حيضها التي وقع فيها الطلاق فوق المدة المعتبرة شرعًا مما يزيد مشقةً على المرأة، فتظل ثلاث حيضات وبعض حيضة، وذلك باختلاف من قال أن القرء هو الطهر ومن قال أن القرء هو الحيض، ولكن في القولين يلحق المرأة مشقةً زائدة بتطويل زمن عدتها، وقد أخبر ابن قدامة أن الحيضة التي تطلق فيها لا تحسب من عدتها لأنها يجب عليها أن تعتد ثلاثة قروء كاملة والله ورسوله أعلم.[7]
شاهد أيضًا: حقوق الزوجة الناشز بعد الطلاق
أنواع الطلاق في الإسلام
بعد بيان هل يجوز الطلاق اثناء الحيض لا بدّ من ذكر أنواع الطلاق في الإسلام، فقد قسّم أهل العلم الطلاق في الشريعة الإسلامية لعدة أقسام، واعتمدوا بتقسميهم هذا عدة اعتبارات، منها الحكم الشرعي، ومنها اللفظ، ومنها الأثر المترتب عليه ومنها كونه معلقًا أو منجزًا وقد جاءت أنواع الطلاق في الإسلام كما يأتي:[8]
- أنواع الطلاق باعتبار الحكم: حيث يوجد طلاقٌ جائزٌ شرعًا يوافق الشريعة وهو الطلاق السني، والطلاق المحظور شرعًا وهو الطلاق البدعي ويكون في غير وقته كالطلاق في الحيض وتكرار الطلاق في لفظٍ واحد.
- أنواع الطلاق باعتبار اللفظ: وهما نوعين صريح وهو ما لا يفهم منه إلا الطلاق كقول أنت طالق، وطلاق كناية وهو ما يحتمل أن يكون المراد به الطلاق، ويعتبر به في النية لو نوى الزوج به الطلاق لوقع.
- أنواع الطلاق باعتبار أثره: حيث قسمه أهل العلم بهذا الاعتبار لقسمين، وهما الطلاق الرجعي الذي يكون بعد الطلقة الأولى والثانية ويجوز له فيه أن يرجعها قبل مضي عدتها، والطلاق البائن بينونة كبرى أو صغرى، فالبينونة الكبرى يكون بعد الطلاق للمرة الثالثة ولا تحل بعدها المرأة للرجل إلا بعد زواجها من غيره، والبينونة الصغرى يكون بعد انتهاء عدة المرأة من الطلاق الأول والثاني أو قبل الدخول بها وتحل له بعقدٍ جديد ومهرٍ جديد.
- أنواع الطلاق باعتباره معلق أو منجز: فالطلاق المنجز هو أن يقول طالق لزوجته بغير تعليق أو شرط للطلاق، أما المعلق، فيكون على ثلاثة صور، أن يكون على شرطٍ محض فيقع به الطلاق قطعًا، أو أن يكون يمينًا محضًا فلا يقع به الطلاق وعليه كفارة يمين، أو أن يكون محتملُا للشرط المحض واليمين المحض، ويرجع لنيته.
شاهد أيضًا: كفارة حلف الطلاق عند الغضب ، ما هو حكم يمين الطلاق بالثلاثة
شروط وقوع الطلاق
إن شروط الطلاق ووقوعه عديدة وكثيرة، ولا بدّ من تحقيقها جميعها حتى يقع الطلاق من الرجل على زوجته، وقد فصّل أهل العلم في شروط الطلاق وحددوها كما يأتي:[9]
- أن يكون الزوج هو من يرمي الطلاق على زوجته وبينه وبين زوجته عقد زواجٍ صحيح.
- أن يكون الزوج بالغًا مميزًا، فلا يقع عند جمهور أهل العلم الطلاق من الصبي أو الصغير الغير مميز.
- أن يكون الزوج عاقلًا فذهاب العقل لا يوقع الطلاق واختلف أهل العلم في السكران إن وقع طلاقه أم لا.
- أن يكون الطلاق مقصودًا ومختارًا من الزوج، فلا يكون اللفظ مجبرًا عليه أو مخطئًا به أو قاله في حال الغضب الشديد.
- أن تكون الزوجية قائمة شكلًا أو حقيقةً أو حكمًا.
- أن يتم تعيين الزوجة المراد تطليقها إشارةً أو صفةً أو حتى بالنية.
- أن يكون الطلاق بصيغة طلاقٍ صريحة بلفظٍ يعبر عن الطلاق ولا يستعاض عنه بالكتابة أو الإشارة إلا بشروط معينة.
- أن يكون قد تم القطع جزمًا أو ظنًا في حصول اللفظ وفهم معناه ومراده مرتبطًا بالنية في قلب الزوج المطلق.
بهذا نصل لنهاية مقال هل يجوز الطلاق اثناء الحيض والذي تم من خلاله بيان أحكام الطلاق في فترة الحيض، وبيان أنواع الطلاق وحالات الطلاق المحرم والمباح، وبيان العديد من المعلومات حول مسألة الطلاق وشروط صحته ووقوعه.
أسئلة شائعة
المراجع
- ^ سنن أبي داود، عبد الله بن عمر، أبو داود، 2179، سكت عنه وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح
- ^ islamqa.info، الطلاق في الحيض، 23/02/2023
- ^ islamweb.net، هل يقع الطلاق في الحيض ؟، 23/02/2023
- ^ binbaz.org.sa، هل يقع الطلاق والمرأة حائض؟، 23/02/2023
- ^ binbaz.org.sa، حكم طلاق الحائض والنفساء، 23/02/2023
- ^ shamela.ws، هل يقع طلاق الحائض؟، 23/02/2023
- ^ islamweb.net، الحكمة من منع طلاق الحائض، 23/02/2023
- ^ islamqa.info، أنواع الطلاق، 23/02/2023
- ^ islamweb.net، شروط صحة الطلاق من حيث المطلِق والمطلقة والصيغة، 23/02/2023
التعليقات