هل يعيد الحج من ارتد ثم عاد إلى الإسلام

هل يعيد الحج من ارتد ثم عاد إلى الإسلام هو من المواضيع الإسلامية المهمة التي يتساءل عن حكمها الكثير من المسلمين، وذلك من أجل معرفة رأي الشرع الإسلامي في من حج ثم ارتد عن الدين الإسلامي ثم عاد إلى الدين، وفي هذا المقال سوف نقوم بتسليط الضوء على هذا الحكم الشرعي بالتفصيل وسنذكر بعض أقوال العلماء فيمن حج ثم ارتد عن الإسلام وسنمر على هل الردة مبطلة للحج.

هل يعيد الحج من ارتد ثم عاد إلى الإسلام

ورد عن أهل العلم في القول الراجح أنّه إذا ارتد المسلم عن الدين ثم دخل الإسلام مرة أخرى تائبًا منيبًا إلى الله رب العالمين فليس عليه أن يعيد الأعمال التي قام بها قبل أن يرتد عن الإسلام، وذلك لأنّ الله تعالى اشترط في مسألة فساد الأعمال وحبوطها أن يموت الإنسان وهو على الردة، قال تعالى في سورة البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ^[1]وهذه الآية تبين أنّ شرط حبوط الأعمال هو أن يستمر الإنسان في الردة ويموت عليها، والله تعالى أعلم. ^[2]

أقوال العلماء فيمن حج ثم ارتد عن الإسلام

نذكر في النقاط الآتية بعض أقوال أهل العلم فيمن حج إلى الله تعالى ثم ارتد عن الإسلام ثم عاد إلى الإسلام مرة أخرى: ^[3]

• القول الأول: ذهب المالكية والحنيفة وقول عند الحنابلة إلى أنّه يجب على من ارتد عن الإسلام ثم عاد تائبًا منيبًا إلى الله تعالى أن يعيد أداء فريضة الحج، واستدلوا بقول الله تعالى في سورة الزمر: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. ^[4]
• القول الثاني (القول الراجح): ذهب الشافعية إلى أنّه لا يجب على من ارتد عن الإسلام ثم عاد تائبًا منيبًا إلى الله تعالى أن يعيد أداء فريضة الحج، وقال هؤلاء: “لأن ذمته قد برئت بفعله قبل الردة، ولأن ‏الردة لو أسقطت حجه، وأبطلته؛ لأبطلت سائر عباداته المفعولة قبل ردته، ولأن الردة ‏وإن كانت تحبط ثواب العمل، فلا يلزم من سقوط ثواب العمل سقوط العمل؛ بدليل ‏أن الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة مسقطة للقضاء، ولا ثواب فيها عند أكثر ‏العلماء”، واستدل أصحاب هذا القول بقول الله تعالى في سورة البقرة: {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ^[1]والله تعالى أعلم.

هل الردة مبطلة للحج

إنّ الردة التي تُعدّ مبطلة للحج ولسائر الأعمال هي الردة التي تستمر حتّى وفاة الإنسان، فإذا ارتد المسلم عن الدين ثم بقي على ردته حتّى مات فقد حبط سائر عمله وكذلك الحج، قال تعالى في سورة المائدة: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ^[5]فقول الله تعالى في هذه الآتية وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ هو دليل على أنّ الردة تحبط العمل، ولكنّ بشرط أن تستمر حتّى الوفاة، لقوله تعالى في سورة البقرة: {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} ^[1]والله تعالى أعلم وأحكم. ^[6]

مقالات قد تهمك

إلى هنا نصل إلى ختام ونهاية هذا المقال الذي ألقينا فيه الضوء على هل يعيد الحج من ارتد ثم عاد إلى الإسلام ومررنا فيه على أقوال العلماء فيمن حج ثم ارتد عن الإسلام وتحدثنا عن هل الردة مبطلة للحج في الشرع الإسلامي.