ما هو حكم إخراج زكاة الفطر بالدين في الشريعة الإسلامية

ما هو حكم إخراج زكاة الفطر بالدين في الشريعة الإسلامية
حكم إخراج زكاة الفطر بالدين

حكم إخراج زكاة الفطر بالدين في الشريعة الإسلامية، فقد شرّع الله سبحانه زكاة الفطر على المسلمين في ذات العام الذي فُرض فيه الصيام في شهر رمضان المبارك، حيث تم فرضها في السنة الثانية للهجرة، وتمّت تسميتها بالزكاة لأنّها تطهر النفوس وتزكيها، ويؤديها المسلم عند فطره وعند انتهاء صيام شهر رمضان المبارك لتكون له جبرًا للتقصير وتزكية للنفس، وهي مواساة جبر خاطرٍ للفقير ليستغني بها يوم العيد عن سؤال الناس، وهي سبب لنشر المودة والحب بين المسلمين، وعبر هذا المقال سيتم بيان هل يجوز أن يخرج المسلم زكاة الفطر بالدين.

حكم إخراج زكاة الفطر بالدين

إن إخراج زكاة الفطر بالدين تجزئ عن المسلم لو أنه استدان ليخرجها، ولكن صدقة الفطر لا تجب إلا على المسلمين الذين يملكون فضل من المال يزيد عن قوته وقوت من يعيلهم في يوم العيد وليلته، فمن وجد هذا الفضل فتجب في حقه زكاة الفطر، يخرجها عن نفسه وعن من تجب عليه نفقتهم كالوالدين والأبناء والزوجة، وقد فرض النبي -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر على الحر والعبد والأنثى والذكر والكبير والصغير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير أو صاعًا من بر، فمن استطاع على الفطرة وحقق شرط وجوبها وجبت عليه يخرجها مما يملك، ولو أنه استدان واقترض لإخراجها فلا حرج عليه، فمن اقترض المال امتلكه فيجب عليه أن يخرجها منه والله ورسوله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: متى تكون زكاة الفطر وما الحكمة من وجوب زكاة الفطر

الدين لا يمنع وجوب زكاة الفطر إسلام ويب

إن كان المسلم مدينًا للناس فهذا الأمر كما أخبر أهل العلم لا يمنع وجوب الزكاة، إلا إن كان المسلم معسرًا وكان صاحب الدين والمال يطالب بماله ولا يجد هذا المسلم ما يسده به، فزكاة الفطر واجبة على المسلمين الذين يجدون كفايته وكفاية من تلزمهم نفقتهم ليلة العيد ويومه، فالدين لا يمنع الزكاة لأنّها بالأصل لا تجب في المال، بل تجب في الطعام، إلا أن يكون معسرًا ومطالبًا بالسداد، فيقدم سداد الدين على زكاة الفطر لأنّه من حقوق الناس والزكاة مواساة لهم فسداد الدين أولى إن تعذر عليه أن يقوم بهما معًا، وقد قدّرت الشريعة الإسلامية مقدار زكاة الفطر صاعًا من قوت أهل البلد، والصاع يساوي تقريبًا ثلاث كيلو جرامات تقريبًا، والراجح أنه لا يجوز إخراج قيمتها نقدًا والله ورسوله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: طريقة احتساب الزكاة في الشركات والفرق بين زكاة المال وزكاة التجارة

حكم زكاة الفطر لمن عليه دين

إن زكاة الفطر لا تجب إلا على من يكون قادر عليها في وقت وجوبها، والقدرة كما عرّفها وحددها أهل العلم تكون بأن يملك المسلم وقت وجوب زكاة الفطر فضلًا عن قوت يومه وليلته يوم العيد وقوت من تلزمه نفقتهم، ولو لم يملك فلا فطرة عليه، ويكون وقت وجوبها من غروب شمس آخر يومٍ من رمضان حتى صلاة العيد، ووجود الدين على المسلم لا يمنع زكاة الفطر لأنّها لا تجب في المال، بل تجب في الطعام والقوت، ولأنّ الدين يحتمل التأجيل، إلا أن يكون مُطالبًا به ولا يمكنه سداده، وقد جاء في حاشية الروض: “ولا يمنعها الدين لأنها ليست واجبة في المال، وقاله ابن عقيل وغيره، وهو مذهب الشافعي، ورواية عن أبي حنيفة، لتأكدها كالنفقة، وكالخراج والجزية، وقال الشيخ: كما يطعم عياله يوم العيد. إلا بطلبه أي طلب الدين فيقدمه إذن لأن الزكاة واجبة مواساة وقضاء الدين أهم فيبدأ به، نص عليه، وهو رواية عن مالك، لأنه لا فضل عنده، قال في الفروع: واختاره الأكثر” والله أعلم.

هل يجوز اعطاء زكاة الفطر للمديون؟

إن مصارف زكاة الفطر محل خلافٍ بين أهل العلم فمنهم من قال أنها لا تعطى إلا للفقراء والمساكين، ومنهم من قال أنه يباح تقديمها لمصارف زكاة المال المحددة شرعًا، ومنهم من قال بل يجب تقديمها لمصارف زكاة المال أو من وجد منهم، وقد تم تحديد مصارف الزكاة الثمانية بقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.[3] فالغارمون ممن يباح إعطاء الزكاة لهم، وهم كما أخبر أهل العلم نوعان، هم المدينون الذين تحملوا مبلغًا من المال كدين ليدفعوه في سبيل إصلاح ذات البين بين الناس المتخاصمين، فهؤلاء يعطون من الزكاة لتقويتهم على فعل الخيرات وإصلاح ما بين الناس، والغارمون المعسرون الذين استدانوا مالًا وأعسروا ولم يجدوا ما يسدوا به ذلك المال، فهؤلاء يُعطون من زكاة المال لإعانتهم على سداد ديونهم، وهذا عند جمهور أهل العلم، وكذلك يعطون من زكاة الفطر والله ورسوله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: الاصناف التي تجب فيها الزكاة ، شروط استحقاق الزكاة

شروط وجوب زكاة الفطر

جاءت الشريعة الإسلامية محددةً للعبادات وضابطةً لها، فكانت لكل عبادة شروط حتى تجب على المسلم، وزكاة الفطر لها عدة شروطٍ بسيطة إن توافرت في الإنسان وجبت عليه، وقام أهل العلم بتحديد هذه الشروط بما يأتي:[5]

  • الإسلام: فزكاة الفطر من العبادات والطاعات التي لا تجب إلا على المسلمين لأنها طهرة لهم وتزكية، والكافر والمشرك لا تجب عليه العبادة ولا تقبل منه لو أداها حتى يسلم فلو أسلم وحقق بقية شروط وجوبها وجبت عليه.
  • القدرة على إخراجها: فالمسلم لا بدّ أن يكون قادرًا على إخراج زكاة الفطر مما فرضت فيه من القوت، والله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وقد ذكر الجمهور من العلماء المالكية والشافعية والحنابلة أنّه لا يشترط الغنى واليسار لأداء زكاة الفطر وعدم اشتراط النصاب، إنما تكون القدرة على أدائها لمن ملك فاضلًا عن قوت يومه وقوت من تلزمه نفقتهم في يوم اليعد وليلته، وذلك من مأكل ومشرب ومسكن وثياب وكل احتياجٍ أصلي وأساسي، فلو ملكه أصبح قادرًا عليها وتجب في حقه، وقد ذكر أهل العلم أيضًا أنه لو كان قادرًا على الاستدانة من أجلها وهو يعلم أنه قادرٌ على سداد الدين في موعده وجبت عليه لأنّه يكون قادرًا عليها في الحكم.
  • دخول وقتها: فزكاة الفطر مرتبطة بزمانٍ معين، حيث يشترط أن يكون إخراج زكاة الفطر في وقت وجوبها والذي هو غروب شمس ليلة العيد، وهو ما يعني انتهاء صوم رمضان وبدء الفطر في شوال، ولو مات الإنسان قبل هذا الوقت أو ولد بعد صلاة العيد يوم الفطر لا تجب عليه كما نص عليه جمهور أهل العلم والله ورسوله أعلم.

أحاديث صحيحة عن زكاة الفطر

إن زكاة الفطر في الأصل في المعاجم العربية تعني معنيين اثنين هما البركة والزيادة والطهارة، وقد عرّفت بالاصطلاح الشرعي أنها صدقة واجبة على كل مسلمٍ حقق شروطها عند نهاية صيام شهر رمضان، وقد جاءت الأدلة الشرعية كثيرة في السنة النبوية الشريفة، التي تبيّن مشروعيتها وتفصّل في أحكامها، ومما جاء من أحاديث عن الفطرة ما يأتي:

  • عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه قال: “كُنَّا نُعْطِيهَا في زَمَانِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَاعًا مِن طَعَامٍ، أوْ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ، أوْ صَاعًا مِن زَبِيبٍ، فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ وجَاءَتِ السَّمْرَاءُ، قالَ: أُرَى مُدًّا مِن هذا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ”.[6]
  • عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: “فرضَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ زَكاةَ الفطرِ طُهرةً للصَّائمِ منَ اللَّغوِ والرَّفثِ وطعمةً للمساكينِ من أدَّاها قبلَ الصَّلاةِ فَهيَ زَكاةٌ مقبولةٌ ومن أدَّاها بعدَ الصَّلاةِ فَهيَ صدقةٌ منَ الصَّدقاتِ”.[7]
  • عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: “فَرَضَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ علَى العَبْدِ والحُرِّ، والذَّكَرِ والأُنْثَى، والصَّغِيرِ والكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وأَمَرَ بهَا أنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ”.[8]
  • عن أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: “كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الفِطْرِ وَرَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فِينَا، عن كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، حُرٍّ وَمَمْلُوكٍ، مِن ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ: صَاعًا مِن تَمْرٍ، صَاعًا مِن أَقِطٍ، صَاعًا مِن شَعِيرٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ كَذلكَ، حتَّى كانَ مُعَاوِيَةُ: فَرَأَى أنَّ مُدَّيْنِ مِن بُرٍّ تَعْدِلُ صَاعًا مِن تَمْرٍ. قالَ أَبُو سَعِيدٍ: فأمَّا أَنَا فلا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَذلكَ”.[9]

شاهد أيضًاخمسة لا يجوز دفع الزكاة إليهم من هم وما حكم إعطاء الزكاة لمن له راتب

مقدار زكاة الفطر

تم تحديد مقدار زكاة الفطر في الإسلام بصاعٍ من القوت وهوا يقدر بأربعة أمداد، وقد أجمع أهل العلم بلا خلاف أنها تجب على المسلم بصاعٍ من كل الأصناف، واختار المالكية والشافعية والحنابلة أن مقدار زكاة الفطر من القمح والزبيب صاعًا، واختار الأحناف أنّه يقدر بصاع من الزبيب ونصف صاعٍ من القمح، ولكن الراجح والصحيح أنها صاعٌ من كل قوت، مهما كان، ويقدر الصاع بأربعة أمداد والمد بمقدار ملئ كفي رجلٍ معتدل، وقد قدر العلماء الصاع بالكيلو تسهيلًا لإخراجها، فكان مقدار الصاع ثلاثة كيلو جرامات من القوت في القول الراجح، وقد ذهب جمهور أهل العلم وهو الصحيح والثابت والراجح أنّها لا تُخرج إلا طعامًا ولا يجوز إخراجها نقدًا أو مالًا، ولكن الأحناف قالوا يجزئ إخراجها مالًا لو كان في ذلك منفعة للفقير والله ورسوله أعلم.

في الختام، تم بيان حكم إخراج زكاة الفطر بالدين في الشريعة الإسلامية، حيث تمّ بيان العديد من الأحكام الشرعية حول إخراج زكاة الفطر للمدين وللدائن وللمعسر، وتم بيان شروط وجوب زكاة الفطر ومتى تجب في حق المسلم، والنصاب المحدد شرعًا لزكاة الفطر والعديد من المعلومات الشرعية الهامة حولها.

المراجع

  1. ^ ar.islamway.net، حكم إخراج زكاة الفطر من السلفة، 18/04/2023
  2. ^ islamweb.net، الدين لا يمنع وجوب زكاة الفطر، 18/04/2023
  3. ^ سورة التوبة ، الآية 60
  4. ^ islamweb.net، الغارمون...أقسامهم...ومن يعطى من الزكاة منهم، 18/04/2023
  5. ^ dorar.net، المبحث الثاني: من شروط وجوب زكاة الفِطر عن نفسه، 18/04/2023
  6. ^ صحيح البخاري، أبو سعيد الخدري، البخاري، 1508، صحيح
  7. ^ صحيح أبي داود، عبد الله بن عباس، الألباني، 1609، حسن
  8. ^ صحيح البخاري، عبد الله بن عمر، البخاري، 1503، صحيح
  9. ^ صحيح مسلم، أبو سعيد الخدري، مسلم، 985، صحيح

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *